رفعت صنعاء، بشكل كبير، مستوى المؤازرة للمقاومة الفلسطينية في غزة، والردّ على المجازر الإسرائيلية بحق الفلسطينيين، من خلال احتجاز أول سفينة إسرائيلية في البحر الأحمر - وعلى متنها 22 بحاراً بحسب المعلومات -، وسحبها إلى شواطئ اليمن. تطوّرٌ نوعي حاول العدو الإسرائيلي استغلاله للتجييش العالمي بالقول إن ما جرى يؤثر على الملاحة العالمية، وهو ما نفته «أنصار الله» عبر التأكيد أن عملياتها في البحر الأحمر تستهدف حصراً السفن الإسرائيلية. ووفقاً لأكثر من مصدر مطّلع في صنعاء، فإن السفينة «غالاكسي ليدر» كانت تتعمّد التمويه وترفع علم الباهاما، فيما تجاهَل طاقمها تحذيرات القوات البحرية اليمنية، فتمّ احتجازها «تنفيذاً لتوجيهات القيادة». وأوضحت المصادر أن عملية الاحتجاز جرت بواسطة طائرة عمودية هبطت على سطح السفينة وأجبرت طاقمها على الاستسلام، وذلك بعد التأكّد من أنها تابعة لإسرائيل.
وعلى رغم نفي مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، ملكية السفينة لإسرائيليين، إلا أن وسائل إعلام عالمية أكّدت أن «غالاكسي ليدر» التي تعمل في نقل المركبات، تتبع شركة «راي شيبينغ» التي تتّخذ من تل أبيب مقراً لها. وقالت صحيفة «صن» البريطانية نقلاً عن وسائل إعلامية عديدة إن الشركة مملوكة للملياردير الإسرائيلي، أبراهام أونغار. وأوضح مكتب نتنياهو، من جهته، أن 25 من أفراد الطاقم كانوا على متن السفينة وهم من الجنسيات البلغارية والفيليبينية والمكسيكية والأوكرانية، ولم يكن بينهم إسرائيليون، واصفاً ما حدث بأنه «عمل إرهابي إيراني آخر، يمثّل قفزة إلى الأمام في عدوان إيران على مواطني العالم الحرّ، وستكون له تداعيات دولية في ما يتعلّق بخطوط الشحن البحري».
لكنّ المتحدث الرسمي باسم القوات المسلّحة اليمنية، العميد يحيى سريع، شدّد على أن العملية لا تهدّد الملاحة الدولية، وأن «عمليات صنعاء محدّدة باستهداف سفن العدو»، مشيراً إلى أن «الكيان الصهيوني هو من يهدّد أمن المنطقة»، وداعياً المجتمع الدولي إلى «إيقاف جرائم الاحتلال بحق الفلسطينيين». وقال سريع، في بيان، إن القوات البحرية اليمنية «استولت على السفينة الإسرائيلية واقتادتها إلى الساحل اليمني»، لافتاً إلى أن قواته «تتعامل مع الطاقم الملاحي وفقاً لتعاليم الدين الإسلامي»، ومؤكداً «استمرارنا في العمليات العسكرية ضد العدو الصهيوني حتى توقّف العدوان على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة». كذلك، اعتبر المتحدث باسم حركة «أنصار الله»، محمد عبد السلام، أن «احتجاز السفينة الإسرائيلية خطوة عمليةٌ تثبت جدية القوات المسلحة اليمنية في خوض معركة البحر مهما بلغت أثمانها وأكلافها». وأشار عبد السلام، في منشور على منصة «إكس»، إلى أن هذه العملية «تُعدّ البداية»، مشدّداً على أن «أي حرص على عدم اتساع الصراع يكون بوقف العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة».
القوات البحرية اليمنية أعلنت توسيع نطاق ترصّدها السفن المشمولة بقرار الحظر
وجاء الكشف عن احتجاز السفينة بعد ساعات على نشر صنعاء تفاصيل إجراءاتها الخاصة بحظر مرور السفن الإسرائيلية في البحر الأحمر وعبر مضيق باب المندب الدولي، وتكثيف تواجدها العسكري في المياه الإقليمية اليمنية في البحر الأحمر، إذ كان بيان سابق صدر عن سريع قد أكّد أن القوات البحرية اليمنية «ستستهدف جميع أنواع السفن التي تحمل علم الكيان الصهيوني والتي تقوم بتشغيلها شركات إسرائيلية، وكذلك التي تعود ملكيتها إلى شركات إسرائيلية». وأهاب بـ«جميع دول العالم سحب مواطنيها العاملين ضمن طواقم السفن المشمولة بقرار الحظر والاستهداف، وتجنّب الشحن على متن هذه السفن أو التعامل معها، وكذلك إبعاد سفنها عنها حفاظاً على سلامتها». كما كانت القوات البحرية اليمنية قد أعلنت توسيع نطاق ترصّدها السفن المشمولة بقرار حظر العبور من البحر الأحمر إلى البحر الأبيض المتوسط. ونقلت وكالة «سبأ» الرسمية في صنعاء عن مصدر في تلك القوات أنها على «أهبة الاستعداد لاستهداف السفن الإسرائيلية في البحر الأحمر أو أي مكان آخر لا يتوقّعه العدو الصهيوني». وقالت إن «القوات المسلّحة بصدد استهداف كلّ السفن الإسرائيلية، سواء كانت متجهة إلى فلسطين المحتلة أو إلى أي دولة أخرى».
وإلى أبعد من ذلك، ذهب مراقبون باعتبارهم أن «من شأن نقل العمليات من البحر الأحمر ومضيق باب المندب إلى البحر المتوسط، خنق اقتصاد الاحتلال وتكبيده خسائر فادحة، ولا سيما أن دولة الكيان تعتمد على البحر المتوسط في تجارتها الخارجية»، مشيرين إلى تقارير عن تراجع عملية الإبحار صوب موانئ الاحتلال وارتفاع رسوم التأمين البحري بعشرة أضعاف.
وفي هذا الإطار، لمّح نائب مدير دائرة التوجيه المعنوي في صنعاء، العميد عبدالله بن عامر، خلال لقاء جمعه برؤساء القطاعات الإعلامية، أول من أمس، إلى أن العمليات العسكرية المقبلة ستُنفّذ في عمق مياه الاحتلال الإسرائيلي في البحر الأبيض المتوسط. وفي الوقت ذاته، دعا عضو «المجلس السياسي الأعلى»، محمد علي الحوثي، في منشور على منصة «إكس»، الدول العربية إلى التعاون مع قوات صنعاء استخباراتياً لتنفيذ قرار الضغط على الاحتلال لوقف جرائمه بحق المدنيين في قطاع غزة.
إلى ذلك، شهدت صنعاء وعدد من المحافظات الواقعة تحت سيطرة «أنصار الله»، أول من أمس، تظاهرات حاشدة دعماً للمعركة ضد الاحتلال الإسرائيلي. وأطلق المشاركون هتافات تعبّر عن تأييدهم لقرار قائد «أنصار الله»، عبد الملك الحوثي، إغلاق باب المندب في وجه السفن الإسرائيلية وتنفيذ هجمات في عمق الأراضي المحتلة في فلسطين. ورغم أن المدن اليمنية تشهد باستمرار تظاهرات مؤيّدة لغزة ومندّدة بالمجازر الصهيونية والدعم الأميركي - الغربي لها، إلا أن الفعّاليات الجديدة والمتزامنة مع إعلان صنعاء ترتيبات لاستهداف السفن الإسرائيلية، تشير إلى التفاف شعبي حول قرار توسيع نطاق المواجهة مع الاحتلال.
* نقلا عن : الأخبار اللبنانية