لقد قدمت المسيرة نماذج إيمانية صادقة تدل على قوة المشروع القرآني، وتثبت ولاء الأمة للمنهج وللقيادة، في زمنٍ عزّ فيه الرجال، وسادت فيه ثقافة الطلقاء، والحرص على الحياة كيفما كانت.
الشهيد المجاهد العميد عبدالقوي عبده حسين سعيد الجبري عيّنة على تلك الروحية الصادقة، ويمثّل قتله بأسلوبٍ همجي على يد مرتزقة السعودية والإمارات، دليلاً عملياً على أن رجال المسيرة القرآنية هم رجال الإسلام، وأنّ من يعاديهم على النقيض تماماً من الرسالة المحمدية.
ومن الإعجاز الإلهي في استشهاد البطل الجبري، أن المرتزقة أرادوا بتصفيته البشعة تلك إخافة المجاهدين في سبيل الله، فكان الأمر شهادة له لا عليه، وكانوا هم من أظهروا عظمته للعالم أجمع.
كما قضت مشيئة الله أن يعثر المجاهدون على جثمانه الطاهر، رغم مرور سبع سنوات على حادثة استشهاده، ليبقى اسمه نموذجاً حاضراً في الواقع وفي الأذهان عن كرامة الشهيد، وعن عظمة المشروع الذي قدمه الله لهم، وقدموه للبشرية.
يأتي كل ذلك ونحن نحيي فعاليات ذكرى الشهيد السنوية، التي علمتنا معنى العطاء، وتحولت في حد ذاتها إلى مناسبة تعبوية لدى أمّة تقدس الشهادة، وترى القتال في سبيل الله ونصرة المستضعفين فريضةً مقدسة لا يجوز التفريط بها.
ونرى في الوقت نفسه، كيف أن الطرف الآخر يتخلى عن أسراه وهم أحياء، ويرفض الانخراط في أي صفقة شاملة لإنهاء معاناة الآلاف منهم، لأن ذلك لا يخدم مصالح الرياض وأبوظبي لا أكثر.
بالمقابل تتجلى دماء عبدالقوي ورفاقه صموداً أسطورياً يضرب الكيان الإسرائيلي بقوة، ويتحول إلى رعبٍ مميت يحاصر اليهود في البر والبحار، ولولا ثقافة المسيرة والجهاد في سبيل الله ما كان لليمانيين أن يصلوا إلى ذلك.
* نقلا عن :السياسية