الزراعةُ والاعتمادُ على النفس في مواجهة العدوان والحصار الاقتصَادي المفروض على الشعب اليمني من قبل العدوان السعوديّ الأمريكي الإماراتي أمرٌ ضروريٌّ، بل إنه أصبح واجباً دينياً وأمراً تتطلبه المرحلة والظروف والتوجه العام رسمياً وشعبيّاً للزراعة ليس من المستحيلات، بل إن ذلك في متناول الجميع، وعلينا جميعاً أن نقتديَ بوحدة التصنيع العسكريّ للجيش واللجان الشعبيّة التي واجهت كلَّ التحديات وصنعت صواريخ بالستية بعيدة المدى وصواريخ ذكية وطائرات مسيّرة فحطمت المستحيل وأثمر عملها في الواقع، وكذلك الحال بالنسبة للزراعة إذَا حصل توجه عملي شامل فسوف يكون لذلك ثمرةٌ في الواقع كبيرة جداً.
في حالة الصراع بين الحق والباطل دعا الله المؤمنين إلى الإعداد ليس في مجال الإعداد العسكريّ وَالبشري وصناعة أنواع السلاح فحسب، بل في مختلف المجالات والتي من أهمها الزراعة بكل أصنافها، زراعة الحبوب والخضروات والفواكه التي من شأنها رفد المجتمع المؤمن المستهدَف والمحاصَر وجعله يكون في حالة اكتفاء ذاتي من حَيْثُ الغذاء وإذَا كان المجتمع المستهدَفُ يعيش حالة اكتفاء ذاتي في غذائه فَإِنَّ هذا يعتبر من أهمّ العوامل المساعدة التي تجعله يصمُدُ ويثبت في مواجهة العدوّ لفترة طويلة من الزمن، كما تفقد العدوّ عنصرَ الحصار الذي يراهن عليه في تركيع المجتمع وهزيمته.
والجانبُ الزراعيُّ مهمٌّ جداً في استمرار حياة الإنْسَان سواءٌ أكان في حالة صراع وحرب أم لا، فالله سبحانه هيّأ الأمور للناس، حيثُ بسط الأرض وجعلها قابلة للزراع وجعل في باطنها الماءَ الكثير وينزل الغيث وتكفل هو برعاية المحصول الذي تم بذرُهُ في باطن التربة حتى يصل إلى مرحلة الحصاد فيجني الإنْسَان ثمرة الزراعة لمصلحته هو، فيضمن استمرارَ حياته ومعيشته، فما بالُك عندما يكون الناس المؤمنون في حالة صراع مع أعداء الله وفي حالة حصار من قبلهم فَإِنَّه يتحتم عليهم كواجب شرعي وواجب وطني وكحاجة ضرورية لكسر الحصار وإيجاد بدائل موجوده وليست مستحيلة تضمن لهم تأمين غذائهم واستمرارهم في الجهاد والصمود في سبيل الله.
وبما أن الشعب اليمني العظيم في حالة عدوان وحصار اقتصَادي من قبل دول العدوان السعوديّ الأمريكي الذي يسعى على مدى أربعة أعوام إلى هزيمتهم واستعمار وطنهم ونهب ثرواتهم من خلال الحرب العسكريّة والإعلامية والأمنية والاقتصَادية؛ لكي ينالَ منهم ويُضعِفَهم ويجبرهم على الاستسلام فَإِنَّه صار لزاماً عليهم العمل بجد في الجانب الزراعي واستغلال مواسم الزراعة وكسر حالة الحصار المتعمد والاعتماد على الله وعلى النفس ومثلما الشعب اليمني يجاهد ويعمل بقُــوَّة في مواجهة العدوان ويقدم التضحيات فَإِنَّ الاهتمام بالجانب الزراعي لتأمين الغذاء يعتبر أيضاً من الجهاد في سبيل الله ومن العوامل المساعدة لنصر دين الله والثبات في مواجهة أعدائنا وأعداء الله.
لقد لاحظنا خلال العدوان كيف أنه تعمّد بشكل مدروس وممنهج استهدافَ المزارع في صعدة وفي الجوف، وكذلك استهداف آبار المياه الجوفية وكذلك استهدفَ الأسواق والمصانع حتى وصل به الحال إلى استهداف مزارع الدجاج وكل ما يتعلق بالمواد الغذائية والزراعية التي يهدف من ورائها إلى أن تخلو اليمن من المواد الغذائية ويصل بالناس إلى حالة من الفقر والجوع فيشغلهم البحث عن لقمة عيشهم عن الجهاد في سبيل الله وعن الدفاع عن أنفسهم ووطنهم ومواجهة العدوان.
يقول السيد حسين بدر الدين حول هذا الموضوع: ((لقد أصبح شرطاً أساسياً وضرورياً الاهتمامُ بجانب الزراعة في مجال نصر الإسْلَام أشد من حاجة المصلي إلى الماء ليتوضأ به.. هل تصح الصلاة بدون طهارة؟ إذَا لم يجد الماء يمكن أن يتيمم فيصلي.
إذا كانت الصلاة لا بد لها من طهور بالماء أَوْ بالتراب، فلا بد للإسْلَام، ولهذه الأمة التي تُهدّد كُـلّ يوم الآن تهدد، وتهدد مِن قبل مَن؟ تهدد من قبل مَن قوتها من تحت أقدامهم، من فُتات موائدهم. لا بد لها من الاهتمام بجانب الزراعة، لا بد أن تحصل على الاكتفاء الذاتي فيما يتعلق بحاجياتها الضرورية)).
الزراعةُ ليست بالشكل الذي لا يمكنُ أن يعملَه الناس، ليست مستحيلة، بل هي عمل سهل في متناول الجميع، ولكن يجب أن تتوفر الإرَادَةُ والعزيمةُ للقيام بعمل جماعي في مجال الزراعة حتى تكون هناك ثمرة كبيرة ومحصول وفير، والحمد لله هناك أمطار وهناك محافظات لديها مخزون مائي كبير وفي مثل هذه الظروف التي يعيشها شعبنا نتيجة الحصار الاقتصَادي المفروض من قبل العدوان أصبحت الزراعة أمراً ضرورياً لمواجهة الحصار والاستمرار في التصدي للعدوان وموقفاً عملياً جهادياً في سبيل الله.