يتباهى قادة العدو الإسرائيلي، عساكر وساسة، بقوة لواء غولاني الذي يعدّ أحد أهم ألوية النخبة في الجيش، وتعقد عليه آمال كثيرة في مختلف جبهات المواجهة.
اللواء النخبوي، ورغم ما يتحدث به قادة الجيش عن إنجازات حققها، إلا أنه يحمل ذكريات دموية ترافقه حيثما يذهب، فكيف إذا كانت في الشجاعية شرق مدينة غزة، حيث ذاق في العام 2014 علقم المقاومين، يوم اُستدرجت قوة منه إلى كمين محكم أسفر عن مقتل 14 ضابطًا وجنديًا وأسر أحدهم.
في بداية العملية العسكرية على قطاع غزة، كان واضحًا أن ثمة تصفية حساب يعدّ لها جيش العدو في إطار محو الأيام السود من سجل الذكريات، وهو ما يفهم من تصريحات جنرالاته ووزير الحرب.
مع استئناف القتال، بعد هدنة السبعة أيام، ناور جيش الاحتلال في أكثر من مكان. هو وسّع عمليته جنوبًا نحو خان يونس، حيث يواجه مقاومة عنيفة، وحاول توسيع هجومه شمالًا، ومن بين المناطق المستهدفة هي "جباليا" وحي الشجاعية.
عند بدء العمل في حي الشجاعية، حيث يعترف العدو بقوة القسام وفصائل المقاومة هناك، خرج وزير الحرب يؤاف غالانت متوعدًا الشجاعية وجباليا، بقوله: "ها قد عاد غولاني إلى الشجاعية وجباليا". تصريح وزير الحرب حمل دلالات عدة، أولًا هو بيّن أن ما تعرض له لواء غولاني العام 2014 تحديدًا، وما تعرض له لاحقًا، لا يزال يحفر في الذاكرة العسكرية الإسرائيلية، بالتالي فإنّ وزير الحرب أراد محو "عار غولاني" على أيدي جنود وضباط اللواء نفسه.
المقاومة بدورها، وبعد أقل من يوم على تصريح غالانت، نفذت عمليات نوعية وضخمة في الحي، وأخذ أحد مقاتليها صورة "سيلفي" إلى جانب ناقلة جند استهدفت بقذيفة ياسين 105، وكأنّ رسالته كانت "الترحيب بغولاني" على طريقته، وتوجيه رسالة لغالانت نفسه بأنّ الحساب الذي يريد إغلاقه ستعمّقه المقاومة.
بالرغم من ضربات المقاومة، تواصلت محاولات جيش الاحتلال الذي زج باللواء في المعارك مع ألوية ووحدات نخبة أخرى، لكن الرياح كانت تسير وفقًا لأشرعة سفن المقاومة التي سدّدت ضربة جديدة أسفرت عن مقتل 10 بين ضابط وجندي، أغلبهم من لواء غولاني. وفي أسلوب قد يكون مشابهًا لما حصل العام 2014 عبر كمين محكم نفذته كتاب القسّام، وعملت إذاعة جيش الاحتلال على سرد وقائعه، إذ كُشف عن عمل ميداني لمقاتلي القسّام يعدّ من الموانع الصعبة.
كان واضحًا أن ضربة "الثلاثاء" شكّلت صفعة جديدة، يمكن الاستدلال على ذلك من تصريح عضو مجلس الحرب بني غانيتس الذي تحدث عن الأثمان الصعبة، في إشارة إلى كمين الشجاعية وعدد الجنود الذين اعترف جيش الاحتلال بمصيرهم.
لعنة الشجاعية ما تزال قائمة، وهي تلاحق جنود الاحتلال من نقطة إلى نقطة داخل الحي، وبأيدي مقاتلين يتمتعون بقدرات تكتيكية عالية، إضافة إلى روح معنوية يتفوقون بها على عدوهم.
لم تنتهِ العمليات العسكرية الاسرائيلية في الشجاعية، لكن الأكيد أنّ لدى المقاومة كلمات أخرى في مقبل الأيام، بهدف زرع مزيد من الذكريات الأليمة في أذهان قادة جيش العدو، وضرب هيبة لوائهم "المدلل" غولاني.
* نقلا عن :موقع العهد الإخباري