يقول الله وهو عز من قال [تِلْكَ الدَّارُ الْآَخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْـمُتَّقِينَ].
كم من المرات حدثتني طفولتي عن ماهي العزة؟ وما لونها؟ وكيف هو مذاقها ؟، وكم من المرات سألت عيون البراءة لمن حولها، ما هو الشموخ وكيف يُصنع؟، أهو يُرى أم يُحس؟، وكم من المرات ترددت بين صفحات الكتب المدرسية كلمات تلألأت ما بين الأسطر لتبقى في ذاكرة الطفولة، عن الكرامة والقوة والبأس والشجاعة، ليبقى التساؤل والحيرة!، أين نجدها أهي لعالم غير عالمنا!، أنسمع عنها في القصص التاريخية والبطولات الخيالية فقط.
لتتوالى السنوات وتنطوي الأيام ليكبر الطفل على واقع لم يجد فيه إلا التحسر على أيام عاشها يناشد فيها العزة، ويبحث عن الكرامة التي ضاعت بين أطماع الحكام وذل وهوان المتنفذين على السلطة وكرسي الزعامة، لتغادرنا كل أنواع العيش الكريم وتطير وتختفي بين السحاب، ليبقى في داخل كل وطن عربي قلب منكسر وروح مهزومة، ليتسلل في كل نفس اليأس المصحوب بالأوجاع.
ويبقى سؤال الطفولة محبوسا وراء القضبان، ما هي العزة وما لونها وكيف هو مذاقها؟
ليبقى الظلام محدق بالإنسان العربي المسفوك دمه والمغتصبة أرضه والمهدورة كرامته ليبقى العالم مكبل الأيادي أمام إنتهاكات الطغاة الظلمة.
وفي ذات يوم ومن بين ركام السحاب المتجمع لعقود يظهر بريق لامع ونور ساطع، تنشق له السماء وتهتز له الأرض، لتشع العزة ويتجلى الشموخ وتظهر الكرامة، (فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولَاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُوا خِلَالَ الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْدًا مَفْعُولًا)، وجاء وعد الله، وكأن عبادلله سقطوا من السماء.
ومن بين أوطان العالم تظهر اليمن برجالها الممتلئين شجاعة وقوة وكرامة والمتشبعين بنور الله وهدايته، ليجيبوا عن سؤال حام في الأجواء لعقود ويُعلموا العالم معنى العزة ونتعرف من خلالهم على لونها ونتذوق طعمها.
فبعد أن درسوا النور الإلهي وتتلمذوا على أيادي ربانية وسلموا لقيادة حكيمة، صنعوا المعجزات واخترقوا الواقع، وداسوا الكبر وكسروا المتجبرين وهزموا آلة الحرب التي لا تهزم.
وظهرت اليمن التي كانت مخفية في غيابات الجب، لتظهر على السطح بعد أن أخفاها النظام السابق العميل لسنوات، لتُنذر وتتوعد وتنفذ وعودها على من ذوقوا الإنسانية جميعا أنواع الإجرام والظلم، لتكن آخر بطولاتهم القوة الرادعة التي قلبت الموازين وغيرت البوصلة، لتتغير معها نظرة العالم للإنسان اليمني، ليشار له بالبنان وتفتح له كل أبواب الكرامة والشرف والهيبة، فأين ما وجد رُفعت له القبعات وانحنت له الهامات، بفضل من تحركوا بالتوجيهات الربانية ونفذوا أوامر خالقهم، لتتدفق كل معاني العزة والكرامة من بين ثنايا كل يمني حر، فاحتجازهم لسفينة ليست لمساكين ولا ليعيبوها، ولكن لنصرة المظلوم وليضعوا علامة العيب والعار على كل مرتزق عميل جبان، وليعلموا العالم أن العاقبة للمتقين والنصر لرجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه، ليقول لهم العالم رويدًا رويدًا يا يمن فنحن لن نتحمل مزيدًا من انتصاراتكم لنتقزم أكثر أمام بطولاتكم.
ليجيب اليمني لكل من استخف به واستصغره لن تجد مني إلا مواقف ترضي الله ورسوله ولن يحل الشموخ إلا في داري، ولن يهزم العدو إلا على يدي، فما تكبده العدو من ويلات وهزائم ما هي إلا البداية والقادم أعظم.