دانة زيدان
طباعة الصفحة طباعة الصفحة
RSS Feed مقالات ضدّ العدوان
RSS Feed
دانة زيدان
أطفال اليمن حوادث “عرضية وأضراراً جانبية”
النواح على المعتدي وتجاهل المعتدى عليه في اليمن ..

بحث

  
يا إلهي! لماذا يموت أطفال اليمن.. كل الأطفال؟
بقلم/ دانة زيدان
نشر منذ: 5 سنوات و 11 شهراً و 15 يوماً
الجمعة 07 ديسمبر-كانون الأول 2018 09:01 م



أمضيت يومي كاملاً وأنا أتحسس ظهري كل بضع دقائق. كان هذا بعد أن شاهدت صورة لطفل يمني غاية في النحول، للحد الذي تظهر فيه أدق تفاصيل عموده الفقري بسبب سوء التغذية الحاد الذي يهدد حياة ما يقارب ال2 مليون طفل جراء الحرب على اليمن.

أتجادل مع والدي والذي يصر على متابعة نشرات الأخبار، وأتأرجح ما بين رغبتي بالهروب من هذه المناظر الموجعة، وبين التثبت من انسانيتي كما يقول الكاتب ممدوح عدوان في كتابه >>دفاعاً عن الجنون<<: “إلى أي مدى كنت لا تبالي بمآسي الآخرين؟ إلى أي مدى كنت تحاول أن تعرف بما يجري؟ هل تحس أنك غير مسؤول لأنك لم تعرف؟ أم تحس بأنك مسؤول لأنك لم تحاول أن تعرف؟”. ينتصر دوماً ممدوح عدوان، وأعود لمتابعة نشرة الأخبار بقلب مثقل وموجوع ومسؤول بأن يعرف.

تحاصرني صور أطفال اليمن، وتقارير اليونسيف، والمشاورات الباهتة، وربطات العنق التي يرتديها اولئك قبل توجههم لقصر جوهانسبرغ بهدف إجراء محادثات “السلام” اليمنية برعاية الأمم المتحدة. 
أتمنى لو تلتف تلك الربطات حول أعناق كل الذين كانوا السبب بما يعانيه أطفال اليمن اليوم. لكن كل ذلك لا يكفي أماً يمنية واحدة تحسست بيديها العمود الفقري لطفلها، ورأت ذاك النتوء، ومرّرت أصابعها على ذاك الكاحل الغاية في النحول.

كلما حاولت النوم، أتذكر صورة طفلة يمنية مصابة بالكوليرا، لمحتها في احدى نشرات الأخبار قبل أكثر من سنة، ولازالت تعذبني الملامح المستكينة لوالدها، واستسلامها الشديد للمرض للحد الذي يمنعها من البكاء، واستسلام الأب لواقع موجع لا يستطيع تغييره. يصاحبني سؤال: كيف ينام ليله الطويل ذاك الذي أيقظ داء الكوليرا في اليمن، وأي مصير يستحقه؟

ماذا تعني محادثات السويد أو جنيف للأطفال؟ هل يكفي تبادل الأسرى، ووضع خطة للنهوض بالعُملة؟ ماذا عن الطيار الذي قصف حافلة مدرسية في سوق ضحيان شمال اليمن والذي سلب بلحظة واحدة حياة 26 طفل؟ ماذا عن مجزرة سوق السمك، وعن الحديدة، وصعدة، وحجة، وقاعات الأفراح التي تحولت في ثوان لقاعات عزاء بفعل فاعل معروف للجميع؟

ماذا لو انتهت الحرب غداً؟ ما الذي يُصلح الدمار الداخلي لأطفال اختبروا الموت، والمرض، والجوع، والفقر؟ لم كل هذا؟ وهل هناك أي دافع، أي دين، أي ملة، أي حزب، أي صالح، أي تاريخ يستحق وجع الأطفال وأرواحهم؟

إسمحوا لي أن اتساءل كما تساءل ديستوفسكي: “يا إلهي! لماذا يموت الأطفال؟ هل يحق لي أن أقترح بسذاجة وحبّ: لماذا لا يرفعهم الله إلى السماء مؤقتًا ريثمَا تنتهي الحرب ثم يعيدهم إلى بُيوتهم آمنين؟”

نعلم بأن وقف الحرب –لو حصل- بدء من الغد لن يعيد أو يخفف حجم الدمار الداخلي لدى الشعب اليمني، ولن يوقف انتشار الكوليرا الفتاكة، وسيحتاج سنين وسنين لإعادة البنى التحيتة، ولكنه على الأقل سيوقف موت قادم لا نعرف سيحصد حياة من ومن ومن…

* نقلا عن موقع النهضة نيوز
تعليقات:
    قيامك بالتسجيل وحجز اسم مستعار لك سيمكنكم من التالي:
  • الاحتفاظ بشخصيتكم الاعتبارية أو الحقيقية.
  • منع الآخرين من انتحال شخصيتك في داخل الموقع
  • إمكانية إضافة تعليقات طويلة تصل إلى 1,600 حرف
  • إضافة صورتك الشخصية أو التعبيرية
  • إضافة توقيعك الخاص على جميع مشاركاتك
  • العديد من الخصائص والتفضيلات
للتسجيل وحجز الاسم
إضغط هنا
للدخول إلى حسابك
إضغط هنا
الإخوة / متصفحي موقع الجبهة الثقافية لمواجهة العدوان وآثاره نحيطكم علماُ ان
  • اي تعليق يحتوي تجريح او إساءة إلى شخص او يدعو إلى الطائفية لن يتم نشره
  • أي تعليق يتجاوز 800 حرف سوف لن يتم إعتماده
  • يجب أن تكتب تعليقك خلال أقل من 60 دقيقة من الآن، مالم فلن يتم إعتماده.
اضف تعليقك
اسمك (مطلوب)
عنوان التعليق
المدينة
بريدك الإلكتروني
اضف تعليقك (مطلوب) الأحرف المتاحة: 800
التعليقات المنشورة في الموقع تعبر عن رأي كاتبها ولا تعبر عن رأي الموقع   
عودة إلى مقالات ضدّ العدوان
مقالات ضدّ العدوان
عبدالفتاح علي البنوس
نقاط على هامش المشاورات
عبدالفتاح علي البنوس
عباس الديلمي
هؤلاء هم شرارنا وأسوأنا
عباس الديلمي
عبدالفتاح علي البنوس
العاصمة والحراك التنموي
عبدالفتاح علي البنوس
د.عبدالعزيز بن حبتور
مشروعان إقليميان يتصادمان في المنطقة أحدهما سعودي والآخر إيراني.. أين يكمن الفارق الجوهري؟ ولمن ستكون الغلبة؟
د.عبدالعزيز بن حبتور
محمد صالح حاتم
الوضع الانساني ومشاورات السويد
محمد صالح حاتم
عبدالله علي صبري
مشاورات لا مفاوضات !
عبدالله علي صبري
المزيد