لم تتوقف عمليات قوات صنعاء خلال الساعات الماضية، ضد السفن التجارية الإسرائيلية والأميركية والبريطانية في البحر الأحمر. فقد أكدت "هيئة التجارة البحرية البريطانية"، فجر أمس، تلقّيها بلاغاً عن حادث أمني بالقرب من باب المندب جنوب البحر الأحمر، مشيرة إلى أن سفينة شحن جديدة تعرضت للاستهداف بصاروخين، ولم تشر إلى إصابتها بأضرار. إلا أن تلك العمليات تندرج في إطار التحذيرات النارية التي توجّهها البحرية اليمنية لإجبار السفن التي تتجاهل نداءاتها على التوقف، وفي الغالب لا تُعلن عنها، إلا إذا حاولت الناقلات تخطّي التحذيرات، فيتم استهدافها بصواريخ مناسبة.كذلك، أكدت مصادر ملاحية يمنية، لـ«الأخبار»، أن قوات صنعاء البحرية أجبرت، أمس، ثاني سفينة شحن أسترالية على العودة إلى مينائها الأصلي، بعدما فشلت في الإبحار إلى الموانئ الإسرائيلية. وكانت وسائل إعلام أسترالية قد أكدت أن سفينة أخرى تسمّى «بهيجة» كانت تحمل شحنة مواشٍ إلى إسرائيل، عادت قبل أيام إلى الموانئ الأسترالية بعدما تعطّلت لمدة شهر في البحر الأحمر، بسبب رفض اليمن السماح لها بالمرور. ورغم هذا، تمرّ العشرات من السفن بشكل يومي، والبعض منها رفعت في بيانات التعارف الخاصة بها شعار «لا علاقة لنا بإسرائيل وأميركا وبريطانيا»، تأكيداً لامتثالها للحظر اليمني.
وفي مقابل استمرار العمليات اليمنية، كثف الطيران الأميركي والبريطاني هجماته أمس، وشن سلسلة غارات على عدد من المناطق الساحلية، مستهدفاً منطقة التحيتا جنوب الحديدة، والتي تعدّ منطقة تماس بين قوات صنعاء والميليشيات التابعة للإمارات في الساحل الغربي. وفي الوقت الذي رفعت فيه واشنطن من مستوى تهديدها لصنعاء بالمزيد من التصعيد خلال الأيام المقبلة، أعلنت «أنصار الله»، على لسان عدد من قيادات الحركة، مضيّها في ما تقوم به، مؤكدة أن جبهة البحر الأحمر مرتبطة بالتصعيد في قطاع غزة، وأن أي اقتحام إسرائيلي لمنطقة رفح، «سيُقابل بتصعيد بحري وجوي كبير». وأكدت مصادر في «أنصار الله»، لـ«الأخبار»، أن صنعاء «تترقّب الأحداث في منطقة رفح، وسيكون الرد برفع سقف المطالب من جهة، وتوسيع نطاق العمليات من جهة أخرى»، مشيرة إلى أن «الرفض الإسرائيلي لكلّ التحذيرات الإقليمية والدولية يؤكد أنه لا خيار يمكنه ردع الهجمة النازية التي يحضّر لها جيش الاحتلال في رفح غير القوة».
شركات الشحن الصينية كثّفت العبور عبر البحر الأحمر بسبب الحصانة من هجمات اليمن
وبالتزامن مع وصول أسطول بحري أوروبي للمشاركة في عمليات تحالف «حارس الازدهار» بقيادة الولايات المتحدة في البحر الأحمر، كشفت مصادر استخبارية في صنعاء، لـ«الأخبار»، عن رصد محاولات أميركية - بريطانية، بالتعاون مع الاتحاد الأوروبي، للتصعيد في البحر الأحمر، ما قد يتسبب بإغلاق مضيق باب المندب، بالتزامن مع تصعيد عسكري إسرائيلي في رفح. وقالت المصادر إن «أميركا اتجهت أخيراً إلى الترويج لمسار جديد للسفن بعيداً عن البحر الأحمر، وهو ما يشير إلى وجود نيات أميركية لإفراغ الملاحة الدولية في هذه المنطقة».
وكانت السفارة الأميركية في اليمن قد نشرت منشوراً على «إكس» تزعم فيه أن «المسار الجديد للسفن بعيداً عن البحر الأحمر، إلى شمال أوروبا، يضيف مليون دولار كقيمة وقود للسفينة، خلافاً لمسار الرجاء الصالح حيث تصل قيمة الوقود للسفينة الواحدة أيضاً إلى مليون دولار، لكن بالإضافة إلى تأخّر تسليم الشحنات وارتفاع معدل إهلاك السفن والمخاطر»، مشيرة إلى أن «هذه الأعباء سيتحمّلها المستهلك في أوروبا». وتزامن هذا الحديث الأميركي مع تأكيد وزير الدفاع الإيطالي، غيدو كروسيتو، أن الاتحاد الأوروبي سينخرط في العدوان الأميركي - البريطاني المستمر على اليمن، منذ منتصف كانون الثاني الماضي.
كما جاء توازياً مع اتهامات غربية للصين باستغلال الصراع لتحقيق مكاسب اقتصادية، حيث ذكرت مجلة الشحن «لويدز ليست» أن شركات الشحن الصينية كثّفت عمليات العبور عبر البحر الأحمر بسبب الحصانة من هجمات اليمن، وقالت: «لم نرَ أيّ تقارير عن تعرّض السفن المرتبطة بالصين لهجوم في البحر الأحمر»، مشيرة إلى أن «السفن الصينية تسعى إلى الاستفادة من هذه السوق، العالية المخاطر ولكن العالية المكافأة أيضاً مع انسحاب الشركات الغربية». ولفتت إلى أن «بعض شركات الطيران الصينية الناشئة الأصغر حجماً تفكر أيضاً في الهبوط في مطارات البحر الأحمر التابعة لصنعاء.
* نقلا عن :الأخبار اللبنانية