تركّزت هجمات القوات البحرية التابعة لصنعاء، خلال الساعات الماضية، على البوارج والمدمّرات الأميركية في البحر الأحمر. وفي هذا الإطار، كشفت القيادة المركزية الأميركية، أمس، عن تعرّض بوارجها لهجوم يمني جديد، شاركت فيه طائرات مُسيّرة وصواريخ كروز وسفن مُسيّرة، مضيفة، في بيان، أنها قامت «بتدمير طائرة مُسيّرة و3 زوارق وصاروخي كروز».وتأتي العملية الجديدة الواسعة هذه، والتي لم تعلن عنها صنعاء رسمياً، ضمن اشتباكات مستمرّة تصاعدت وتيرتها أخيراً، لتشير إلى استمرار الهجمات اليمنية بوتيرة عالية، على رغم العدوان الجوي الأميركي - البريطاني المستمر على اليمن.
وفي الموازاة، توعّدت صنعاء، لندن، بكسر غطرستها في البحر الأحمر، مؤكدة أن ثمن مشاركتها في العدوان سيكون باهظاً. وأشار مصدر عسكري يمني، في حديث إلى «الأخبار»، إلى أن بريطانيا تجاهلت تحذيرات قيادة حركة «أنصار الله»، التي دعتها إلى عدم التورّط مع الأميركي في العدوان على اليمن، إلا أن لندن ردّت بلغة استعمارية وتحدّ سافر، وشاركت في انتهاك السيادة اليمنية، قبل أن تُصاب بالصدمة في أعقاب دخول بوارجها مطلع تشرين الثاني في أول اشتباك مع القوات البحرية اليمنية. ووصف المصدر تهديدات وزير الدفاع البريطاني، غرانت شابس، الجديدة، لصنعاء بـ«الانهزامية»، مؤكداً أن بلاده «جاهزة لتلقين كل الغزاة والمستعمرين في البحر الأحمر درساً من خلال المزيد من الضربات الموجعة».
وكان شابس قد هاجم صنعاء وتعمّد الإساءة إلى الشعب اليمني. وأمام النتائج المحدودة للهجمات البريطانية على اليمن، لم يجد الوزير المُحبط عسكرياً، سوى الخروج عن اللياقة، ليظهر في تصريحات صحافية في حالة انفعال شديد، ويقذف اليمن بألفاظ نابية أثارت سخطاً شعبياً، واصفاً اليمنيين بـ«الشرذمة» و«الاستغلاليين». وعلى مدى الأسابيع الماضية من دخول بريطانيا إلى جانب أميركا في تحالف «حارس الازدهار»، تعرّضت نحو 15 سفينة تجارية بريطانية لهجمات، وغيّر عدد كبير من السفن المتجهة إلى الموانئ البريطانية مساره من مضيق باب المندب إلى رأس الرجاء الصالح الطويل والمتعدّد المخاطر، ما أدّى إلى ارتفاع مستوى الأسعار على المستهلك البريطاني، وهدّد قطاع الصناعات البريطاني نتيجة تأخر وصول الشحنات المحمّلة بالمواد الخام. وأفاد مؤشر «ستاندرز آند بورز» إلى ارتفاع تكاليف الشركات البريطانية خلال الشهر الجاري، بمعدل أكبر من الأشهر الستة الماضية. ويحقق المؤشر البريطاني الرئيسي للأسهم خسائر متتالية منذ أيام، تزامناً مع بيانات للغرفة التجارية وبنك إنكلترا المركزي جميعها تحمل تحذيرات من التضخم جراء ما تصفه باضطرابات البحر الأحمر.
ارتفعت أعداد المتخرّجين من قوات «الدعم والإسناد» لفلسطين إلى أكثر من 270 ألف مقاتل
وفي ظل ارتفاع التصعيد العسكري في البحر الأحمر وخليج عدن، لجأت واشنطن إلى شن حرب إعلامية ضد صنعاء، معتبرة أن تصعيد العمليات ضد السفن التجارية في البحر الأحمر وخليج عدن يضاعف تهديد الملاحة الدولية. كما أثار التأييد الشعبي الواسع لعمليات القوات اليمنية انزعاج الولايات المتحدة، وهو ما دفعها إلى تنفيذ خطة دعائية واسعة بالتعاون مع الأطراف المحلية الموالية للتحالف السعودي - الإماراتي، والاستعانة بمراكز دراسات إعلامية استشارية في الرياض، لاتهام الحركة باستغلال أحداث غزة للحصول على مكاسب سياسية وتأييد شعبي. وكشفت مصادر دبلوماسية يمنية، لـ«الأخبار»، عن قيام السفارة الأميركية في السعودية بتمويل هذه الحملة بنحو مليون دولار، بهدف تغيير قناعات الرأي العام اليمني والعربي حول جدوى عمليات «أنصار الله».
وجاء ذلك بعد تصاعد هجمات «أنصار الله» ضد السفن الإسرائيلية والأميركية والبريطانية، وارتفاع أعداد المتخرّجين من قوات «الدعم والإسناد» لفلسطين إلى أكثر من 270 ألف مقاتل. وتشير التوقّعات إلى أن تلك القوات قابلة للارتفاع إلى نحو نصف مليون مقاتل في ظل استمرار عمليات التأهيل والتدريب في مختلف المناطق العسكرية التابعة لقوات صنعاء. وبدا هذا واضحاً خلال الأيام الماضية، من خلال اتهام الجانب الأميركي «أنصار الله» بتجنيد الأطفال، وتركيز الإعلام التابع لحكومة عدن على الدورات العسكرية التي تنظّمها قوات صنعاء «على طريق القدس»، فضلاً عن تشكيك تلك الوسائل في دوافع خروج اليمنيين في العاصمة والمحافظات الواقعة تحت سيطرة الحركة للمشاركة في المسيرات الاحتجاجية الأسبوعية، ودعوة هؤلاء إلى التخلي عن «أنصار الله» كونها تضحّي بالمصلحة الوطنية، وتقوم بإغراق سفن تجارية لا علاقة لها بإسرائيل.
* نقلا عن :الأخبار اللبنانية