على إثر فشل وإفشال ثورة 2011 تمخضت أحداث ذلك العام عن صراعٍ وصوليٍّ بين أجنحة النظام السابق اللاحق، موصولٍ بحبل السفارة الأمريكية السري سابقاً العلني لاحقاً، مقطوعٍ عن حبل الشعب اليمني المعلقة عليه أحلامه وتطلعاته؛ صراع يبتغي كل طرف من طرفيه -الموصولين بتحويلة السفارة السعودية والمتصلين بتحويلات اللجنة الخاصة- تحقيق النقاط على الطرف الآخر والزحف على مربعاته المهزوزة وإن حتى بالضرب تحت الحزام.
من تجليات ذلك ما حدث لاحقاً، وتحديداً مع بداية العام 2012، من استخدام الطرفين لورقة تنظيم القاعدة لصالحه، ومن ذلك ما ظهر في عملية الاستلام والتسليم لمدينة رداع بين جناح السلطة ممثلاً بعلي محسن وحزب الإصلاح وبين تنظيم القاعدة (أنصار الشريعة) ممثلاً بطارق الذهب، ليعلن الأخير ومن جامع ومسجد العامرية الشهير رداع «إمارةً إسلامية».
بعد أسابيع خرج «الذهب» من رداع صورياً؛ غير أن «القاعدة» بقي سنوات هو الحاكم والمتحكم برداع، حتى بعد اغتيال طارق الذهب واتهام التنظيم لقوات الحرس الجمهوري حينها بالوقوف خلف ذلك.
من بداية 2012 وحتى نهاية 2014 شهدت رداع موجة عنيفة ورهيبة من عمليات القتل والتفجير ذهب ضحيتها العشرات من المواطنين، وانتهت تلك المذابح -على الأقل داخل المدينة- بدخول أنصار الله إلى المنطقة عقب ثورة 21 أيلول/ سبتمبر 2014.
عشر سنوات منذ خروج من كانوا يُسمون «أنصار الشريعة» وحتى دخول أنصار الله، شهدت رداع كما كل اليمن العدوان الأمريكي السعودي وشاهدت الدمار وشهدت على المتغيرات المتسارعة طوال عشرية مؤلمة ولكن مقاومة، ودفعت ربما أثماناً مضاعفة بحكم تاريخها وجغرافيتها وديمغرافيتها.
اليوم وبكل شجاعة وصراحة نقول بأن رداع تحتاج إلى إعادة تأهيل سياسي واجتماعي وثقافي وخدمي، وإلى استعادة ثقة بين أهلها وقبائلها وبين السلطة السياسية والعسكرية والأمنية المحلية منها والمركزية، وإلى تغييرات جذرية للأشخاص في المواقع التنفيذية والقضائية والرقابية وفي الهياكل الوظيفية أيضاً، وإلى خطة شاملة وكاملة للسلم الاجتماعي والسلام الجماعي، وتحتاج رداع إلى ترميم صوتها وصورتها وتصحيح ما يزيد عن نصف قرن من التشويه والتهميش والإلغاء. كل ذلك لن يتحقق في يوم وليلة بالطبع، كما لن ينتظر الناس أيضاً الدهر كله حتى يتحققوا من حدوث ذلك. وبين هذا وذاك تنتظر رداع عند باب المحجري صباحاً جديداً يشرق من عينيها عدالةً ومساواة وقانوناً وطمأنينة وأمناً وسلاماً وحزماً وعزماً ومحبة وحنانا ومسيرةً ومساراً.
* نقلا عن : لا ميديا