كشفت شبكة الــ CNN الأمريكية في تقريرٍ نشرته بتاريخ ٢١ مارس الماضي، أن وزير الخارجية الأمريكي (أنطوني بلينكن) وجّه الحكومة القطرية بطرد قيادة حماس من الدوحة في حال تعثرت المفاوضات بشأن التوصل لاتفاق يقضي بوقف إطلاق النار في غزة، حسب الشروط الإسرائيلية.
الــ CNN نقلت عن مصادر مطلعة القول إن بلينكن أبلغ تلك الرسالة بشكلٍ رسمي إلى رئيس الوزراء ووزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني في الخامس من مارس الجاري خلال اجتماع في واشنطن.
ومن المعروف أن قطر تخضع للهيمنة والحماية الأمريكية، وهي من الدول التي بادرت للتطبيع مع الكيان الإسرائيلي منذ وقتٍ مبكر، وتربطها علاقات أمنية واقتصادية مع الكيان الصهيوني، وبالتالي فإن بقاء قيادة حماس على أراضيها يثير جدلاً واسعاً في الشارع العربي المناصر للقضية الفلسطينية ولحماس نفسها.
ولتفسير ذلك علينا تتبع مسار السياسة القطرية تجاه الحركات الإسلامية منذ البداية.
والبداية كانت مع إدارة “جورج دبليو بوش” التي وجهت حكومة قطر عام ٢٠٠٦ بفتح قنوات اتصال مع حركة حماس بعد فوزها في الانتخابات البرلمانية، ولتكون الدوحة خطَ رجعة بين واشنطن وحركات المقاومة الفلسطينية.
والدور نفسه لعبته قطر، بتوجيهاتٍ أمريكية أيضاً في اليمن بعد أن ظهرت حركة أنصار الله كقوة عظمى يَصعب النيل منها بالقوة، وكذلك مع حركة طالبان الأفغانية.
وبذلك فإن أي دعمٍ قطري يظهر هنا أو هناك ليس امتداداً للسياسة الأمريكية التي تبقي القنوات مفتوحة من جهة، وترفع سياسة العصا الغليظة من جهة أخرى.
وبالعودة إلى حماس، فقد كانت قيادتها قبل ٢٠٠٦ تقيم في العاصمة السورية دمشق، وكان لرئيس المكتب السياسي السابق للحركة خالد مشعل مقراً في حي المزة، وكذلك كان لعضوي المكتب السياسي للحركة عماد العلمي وعزت الرشق في منطقة مشروع دمر في دمشق.
كانت دمشق حاضنة المقاومة الفلسطينية الأكبر في الوطن العربي، إلا أن الدوحة استطاعت خلق شرخ بينها وبين حماس، سيما بعد تأييد حماس للمعارضة السورية المدعومة من الغرب.
كان الهدف فصل الحركة عن محور المقاومة حتى يتسنى لـ”إسرائيل” مواجهة حماس بمفردها وبعيداً عن حلفائها في سورية وإيران.
وقد تنبهت الحركة لخطورة المؤامرة فعمدت إلى فصل خالد مشعل من رئاسة مكتبها السياسي، وأوكلت المَهمة إلى إسماعيل هنية الذي يحتفظ بعلاقات طيبة مع طهران ودمشق.
ومع ذلك ظلت قيادات حماس السياسية في الدوحة، بإصرارٍ قطري، وهو ما فسره مراقبون بأنه لضمان بقائها تحت الرقابة الأمريكية والإسرائيلية، ومتابعة اتصالاتهم مع القيادات الميدانية في قطاع غزة.
ومع فشل واشنطن وحلفائها القطريين في الضغط على قيادات القسام، بدأت بابتزاز الحركة بالطرد من الدوحة، وخسارة حياة الرفاهية التي تقدمها قطر، كعقوبة عملية لهم.
وهذا الأمر كان متوقعاً ما دامت قطر حليفاً للغرب، وقد سبق أن غيرت سياساتها مع أنظمة عربية بضغطٍ خارجي، كما فعلت مع دمشق عام 2011.
والحل الأمثل أن تبادر قيادة حماس في نقل مكاتبها إلى دول محور المقاومة، حيث لا ضغوط ولا تغيير مواقف، وبإمكانها التحرك بأمان دون مراقبة أو تجسسٍ لصالح “إسرائيل”.
والأنسب لها اليوم وبدون شك هي العاصمة صنعاء، عاصمة الموقف العربي، والمحور الثابت الداعم لفلسطين، وحيث تلقى قيادة حماس وغيرها من فصائل المقاومة الدعم السياسي والشعبي بلا انقطاع، حتى تحرير كامل الأراضي الفلسطينية المحتلة.
*نقلا عن : السياسية