ونحن نعيش ذكرى استشهاد الإمام علي عليه السلام، علينا أن نعلم أن تلك الفاجعة هي سبب كل بلاء تعيشه الأمة الإسلامية، بما فيها هيمنة اليهود على الشعوب العربية، وارتكابهم أبشع الجرائم بحقها.
وسقوط علي شهيداً ليس كسقوط أي رجلٍ آخر في هذا الوجود، فعلي هو النموذج -إن صح لنا التعبير- الذي يشهد بعظمة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، ويؤكد لنا أن الإسلام دينٌ عظيم، يستطيع أن يقدم نماذج راقية لتقتدي بهم الأمة حتى آخر أجيالها.
ولأنه كذلك، حرص الرسول أن ترتبط به الأمة ارتباطاً عاطفياً حتى لا تضيع، لأن من يعشق علياً فلن يندم يوماً على ماضيه ومستقبله، لأن عشق علي وتوليه شاهد لنا بأننا على دين محمد وأتباعٌ لسنته.
ولأن علي هو علي، فقد حرص أعداء الإسلام على تقديم نماذج أخرى لنا ليست بمستوى عظمته، ولا تصلح أن تكون نماذج يقتدي بها الآخرون، فكانت النتيجة ما نحن عليه من التفكك والشعب والضياع.
وسنظل على حالتنا هذه مالم نغير ما بأنفسنا من عقائد وقدوات واهية، ونتجه إلى من أمرنا الله ورسوله بتوليه، وضمن بذلك لنا النصر على أعدائنا كافة، وأولهم أهل الكتاب.
وليس في تعظيمنا لعلي ما يعيب أو يدعونا للشك والخوف، فعلي هو النموذج الذي قدمه الرسول لنا، والشاهد على عظمة الرسول صلى الله عليه وآله، وكلما ارتفع علي في نفوسنا ارتفع معه قدر الرسول نفسه، لأننا نعلم أن هذا من ذاك، فهو من رباه وعلمه، وجعل منه قدوة لسائر الناس.
ولا يعرف عظمة علي إلا من يعرف عظمة الرسول، ومن يجهل أحدهما يجهل الآخر، ولا سبيل لمعرفة الإسلام الصحيح بعيداً عن علي، فهو باب مدينة علم رسول الله، ومن أراد الوصول إلى الرسول فلا بد أن يمر من باب علي.
ومن عجائب الأمور أن علياً عليه السلام، لم يتحول قط إلى تاريخ، بل هو حاضر في كل واقع الحياة، يشهد على ذلك واقعنا وكل نقاشاتنا الدينية وغير الدينية.
وحتى من يبغضه لا يرى فيه بأنه ماضي حدث قبل ١٤٤٠ عام، بل يظنه حاضراً قريباً من كل صراع في هذه الأرض، بخلاف غيره من القادة، ممن يتحول إلى ماضي بمجرد وفاته.
وقد دأب اليهود، وعبر أدواتهم، على تشويه صورة علي، والتشجيع بكل من ينتمون إليه، ويرون في ذكر اسمه رعباً ينذر بزوالهم.
ولا نلومهم في ذلك، فاسم علي وحده يطرد شياطين الإنس والجن، وتضيق بسماع ذكره كل النفوس الضعيفة، ولا يقدر على حبه إلا رجلٌ امتحن الله قلبه للإيمان، وعلينا أن نشكر الله أن جعل اسم علي قريباً من قلوبنا، واصطفانا لأن نكون أنصاره في هذا الزمن، حيث تنتظر الأمة منا أن نعيد تسطير ملحمة باب خيبر، وتحت راية من يذكرنا بعلي قولاً وفعلاً ومنهجا.
* نقلا عن :قناة الكاتب - تيلجرام