يشهد الله أن فيّ غُمّة واكتئاب ما عرفته في حياتي، بسبب الوضع المعقد، فهناك ثلاثة عوامل مركبة ومتداخلة ويشكل كل منها لغماً قد يطيح بالبلاد ولا بد من وضع استراتيجية دقيقة للتعامل معها.
العامل الأول: وجود حصار خانق وحرب اقتصادية وتربص داخلي وإقليمي وعالمي باليمن تنشط فيه أكبر أجهزة استخبارات العالم.
العامل الثاني: وجود أزمة معيشية خانقة وركود اقتصادي قاتل ذهب بلحم أغلب الشعب وبدأ يكد في العظم مع ما تخلفه هذه المعاناة من تهييج وسخط وإحباط وغضب.
العامل الثالث: وجود سلطة شللية مزاجية ارتجالية تحمل عقلية تتجسد فيها بعض مظاهر الفساد المالي والإداري، وهي أيضا بطيئة الإدراك والفهم، ولا تضع ضمن معايرها أو خطواتها اعتبارا لشيء اسمه الرأي العام، إلا في محاولات هزيلة لترميز بعض أركانها أو ما يعرف بنظرية «الدوشان مدح الموافق وقدح المخالف» أو خلق الأعذار والتبريرات غير المقنعة.
هذه العوامل تحتاج في التعامل معها إلى استراتيجية متزامنة ومتوازية تضمن التخفيف من وطأتها، وبنفس الوقت منع التغذية الراجعة فيما بينها لمنع استثمار العدو لحالة السخط العام ومنع السلطة من زيادة السخط العام، ومنع العدو من رمي جرائمه وحصاره على السلطة، ومنع السلطة من تجيير أخطائها ورميها على العدو، ومنع توظيف القضايا الشخصية في القضايا العامة... إلخ.
سياسة التركيز على عامل العدو الداخلي والخارجي المتربصين، وتجاهل معالجة باقي العوامل، ستؤدي حتما إلى مزيد من التداخل بين هذه العوامل حتى تتجمع لتشكل مزيجا متفجرا يدمر اليمن أرضاً وإنساناً، فما هو على المحك مصير وجودي، لا قضية حرب بين طرفين أو قضية سلطة وشعب... إلخ.
مثلما نحتاج إلى وعي شعبي بحجم الخطر من العدو والصديق، نحتاج أيضاً إلى خطوات تغيير ملموسة في بنية وأداء السلطة القائمة، لخلق التفاف شعبي ورسمي لمواجهة الأعداء، أو ستنجح مدافع الكلام في ما عجزت عنه مدافع البارود، إن تم تسطيح القضايا وأنها مجرد موجات فيسبوكية، وستنتهي بالتهديد والوعيد أو بالاستمالة والمراضاة.
* نقلا عن : لا ميديا