هيثم خزعل / لا ميديا -
انتهى دور «إسرائيل» الوظيفي في المنطقة، واضمحل وزنها الاستراتيجي، وظهرت نقاط الضعف البنيوية فيها، وأهمها أنها كيان بلا عمق، وبمساحة محدودة. هذا الكيان يعيش منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي على الجسر الجوي الأمريكي والدعم الغربي اللامحدود والإعانة اللوجستية والعسكرية والأمنية من جيرانه العرب المنخرطين في استراتيجيات الولايات المتحدة في المنطقة.
المشروع «الوطني الإسرائيلي» انتهى، و»إسرائيل» لا تستطيع الاستمرار ساعة واحدة دون رعاية أميركية كاملة. كذلك القصور «الإسرائيلي» الذي ظهر جعل الأمريكي يدير الدفة ويأخذ الأمور بصدره.
وصل مشروع الثورة الإسلامية في إيران، بعد 45 عاما من العمل، وفي لحظة دولية مواتية، إلى القدرة على ضرب الجغرافيا «الإسرائيلية» بصواريخ ومسيرات تنطلق من الأراضي الإيرانية. هذا هو مفهوم «الصبر الاستراتيجي»، الصبر الذي يسمح لك بأن تبدأ مشروعك الصاروخي بهندسة عكسية لبضعة صواريخ سكود، وأخرى من طراز «سكود ب» أرسلتها لك ليبيا لتصل إلى تكنولوجيا الصواريخ الفرط صوتية.
تعمق مأزق «إسرائيل» الاستراتيجي رغم الدعم الغربي اللامحدود. تبدو «إسرائيل» اليوم كيانا هشا وغير قابل للاستمرار، لاسيما في ظل تصدع الهيمنة الغربية على العالم.
تماسك محور المقاومة وتناغمه سيجعل منه اللاعب الأهم في صياغة مستقبل المنطقة، مهما كانت نتائج الصراع العالمي.
الضربة الإيرانية استكملت عملية تهشيم «الردع الإسرائيلي» التي بدأت في 7 تشرين الأول/ أكتوبر، فيما ثبتت إيران منظومة ردعها في الإقليم.
تظهر «إسرائيل» اليوم كلاعب أقل من «دولة»، وهو ما لا يؤهلها لتكون ركيزة مشاريع طرق التجارة وتصدير الغاز والنفط المقترحة من قبل الولايات المتحدة. هذه المشاريع باتت وراءنا اليوم، كما أنهت الشراكة الروسية/ الإيرانية في سورية المشاريع الأمريكية التي جعلت من تركيا ركيزة لها.
في ظل الضرر الكبير الذي طال «إسرائيل» سارع الغرب إلى مد طوق النجاة المالي إلى مصر وتركيا، اللتين سيكون الحفاظ على استمرارية تموضعهما الجيوسياسي أهم أهداف الغرب في المرحلة الحالية من الصراع الدولي.
إذا كان 7 تشرين الأول/ أكتوبر قد أعاد خلط كل الأوراق في المنطقة، فإن ضربة 14 نيسان/ أبريل أكدت أن محور المقاومة لن يسمح بالانقلاب على نتائج 7 تشرين الأول/ أكتوبر، وإعادة تركيب المنطقة وفق خرائط وأدوار تنفرد الولايات المتحدة بتوزيعها. هذا أمر يدركه الأمريكيون، ومن المرجح أن يسلموا به كي تضع الحرب أوزارها. الضربة الإيرانية وضعت الولايات المتحدة أمام هذه الحقيقة.