د. فؤاد عبدالوهَّـاب الشامي
استشهد الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي وعدد من رفاقه في حادث أليم أثناء عودة من مهمة رسمية، ومن المتوقع أن تكون لهذا الحادث تداعيات كثيرة لدى الأصدقاء والخصوم، فقد نظر الأعداء إلى الحادث بعين الرضا، وراهنت أمريكا ومن يدور في فلكها على أن الحادث سيكون له تأثير على الداخل الإيراني، وأنه من المتوقع أن يتسبب في صراع داخلي بين القوى السياسية؛ مما قد يؤثِّرُ على الدور الإيراني في محور المقاومة والجهاد وموقفها من حرب غزة.
وفي الحقيقة أن استشهاد القادة الإيرانيين خسارة كبيرة على إيران وعلى الشعب الإيراني وعلى محور المقاومة والجهاد وعلى أعداء أمريكا والغرب، ولكن لن يؤثر الحادث على مسيرة إيران السياسية والجهادية ولن يؤثر على التنسيق بين محور المقاومة والجهاد وعلى مواقفه من القضايا المختلفة وخَاصَّة القضية الفلسطينية؛ لأَنَّ عمل المنتمين إلى المحور يأتي في ظل مبدأ ديني هو الجهاد في سبيل الله؛ ولذلك لا يمكن أن يتأثَّرَ العملُ بغياب شخص أَو عدة أشخاص أَو حتى انسحاب دولة أَو حركة من أعضائه.
إن مبدأَ مواجَهة المشروع الأمريكي الصهيوني في المنطقة يأتي استجابةً لأوامر الله -سبحانَه وتعالى- في القرآن الكريم الذي حَضَّ على مواجهة أعداء الأُمَّــة من اليهود والمستكبرين ويمثلهم في عصرنا أمريكا و”إسرائيل”، والوقوف إلى جانب المستضعفين لنصرتهم ورفع الظلم عنهم، وكان انخراطُ إيران واليمن وحزب الله والفصائل العراقية في محور المقاومة والجهاد نابعًا من هذا المبدأ الديني المفروض على كُـلّ قادر، ولم يكن استجابة لطلب من شخص أَو من دولة أَو نتيجة لمصالحَ معينة بين أعضاء المحور، وَإذَا ما انتهت تلك المصالحُ انتهى المحور.
ودربُ محور المقاومة والجهاد هو دربُ استشهاد وكلّ من ينتمي إليه يتمنى أن يفوزَ بالشهادة، وأن يكونَ لاستشهاده دورٌ في تماسك وتطور المحور ومواقفه وعملياته، وقد استشهد الكثير من قادة المحور وعلى رأس أُولئك الشهيد قاسم سليماني، الذي يمكن اعتبارُه مؤسِّسَ محور المقاومة والجهاد، ولكن لم يوثر استشهاد القادة على التنسيق بين المنتمين إلى المحور من دول وحركات، وما حدث من دعم وإسناد لمعركة غزة من قبل جميع أعضاء المحور يؤكّـد أن لاستشهاد القادة دوراً إيجابياً وليس دوراً سلبياً في معركتنا مع أعداء الأُمَّــة.