رفعت قوات صنعاء مستوى التنسيق مع المقاومة العراقية خلال الأيام الماضية. وللمرة الأولى، كشفت حركة «أنصار الله»، بطريقة غير مباشرة، عن وجود مكتب تنسيق وتواصل تابع لها في بغداد. وتزامن ذلك مع إعلان استعدادها للانتقال إلى المرحلة الخامسة من التصعيد، وهي خطوة أثارت قلق السعودية، ولا سيما أنها تأتي بعد تهديدات صادرة عن قائد الحركة، عبد الملك الحوثي، رداً على تورّط الرياض في أعمال عدائية ضد اليمن، ووقوفها إلى جانب واشنطن في استخدام الورقة الاقتصادية ضد البنوك التجارية والإسلامية في صنعاء.ووسط اهتمام لافت من وسائل إعلام تابعة للحكومة الموالية للتحالف السعودي - الإماراتي، وكذلك وسائل إعلام سعودية، بتحركات ممثل «أنصار الله» في العراق ووجود مكتب خاص بالحركة في بغداد، أكّدت مصادر سياسية في صنعاء، لـ«الأخبار»، أن «الحديث عن فتح أنصار الله مكتباً لها في العراق أخيراً ليس بجديد، وأن التنسيق بين القوات اليمنية والمقاومة العراقية دائم. ولذلك، تتّجه صنعاء إلى تصعيد هذا النوع من العمليات بشكل أكبر، لكي يتم ضرب أهداف حيوية وحساسة في عمق الكيان خلال الفترة المقبلة». وفي المقابل، دفعت الرياض ناشطين عراقيين إلى انتقاد وجود مكتب لـ«أنصار الله» في بغداد، حيث تداول هؤلاء صوراً في منصة «إكس» قالوا إنها لوفد تابع للحركة بقيادة أبو إدريس الشرفي، يتواجد منذ أشهر في العراق. كما نشروا صوراً لاستقبال عدد من القيادات والقبائل العراقية لوفد «أنصار الله» في السماوة ومناطق أخرى من جنوب العراق، بحفاوة أثارت استياء الموالين لدول التحالف السعودي - الإماراتي.
وفي سياق متصل، أكّد الخبير العسكري المقرّب من وزارة الدفاع في صنعاء، عزيز راشد، لـ«الأخبار»، أن «التنسيق بين قوات صنعاء والمقاومة العراقية قائم على مستوى عال منذ أشهر، والتواصل يجري بشكل يومي»، مشيراً إلى أن «مكتب التنسيق الخاص بالحركة موجود منذ فترة في العراق، ولكن صنعاء أرادت أن تُسمِع أميركا والسعودية أنها مقبلة على تنفيذ عمليات أعمق وأوسع على مستوى المنطقة، ولن تطاول فقط الكيان الإسرائيلي بل ستطاول حماة إسرائيل في المنطقة، وفي المقدّمة القواعد الأميركية». وأضاف أن «الرسالة موجّهة كذلك إلى السعودية، ونؤكد أن أي عمليات مقبلة لن يكون مصدرها صنعاء بل ستنهال عليها من أكثر من اتجاه ومن أكثر من طرف»، لافتاً إلى أن «التحرّك العسكري الأميركي الذي جاء بعد زيارة معلنة لممثل حركة أنصار الله أبو إدريس الشرفي، وإدلائه بتصريح صحافي من مقر للحشد الشعبي، في شمال بغداد، هو رسالة واضحة تؤكد أن صنعاء عازمة على تعزيز العمليات المشتركة، وتخطو نحو وحدة الجبهات والساحات». وظهر الشرفي في مقطع فيديو وهو يشيد بفصائل «الحشد»، ويشكر «المقاومة الإسلامية في العراق»، مثنياً على أدائها مهامها مع كثرة التحديات والمصاعب. ووصف راشد العلاقة بين «أنصار الله» و«الحشد الشعبي» بـ«الوحدة التي لا تنفصم»، واستبعد أي أثر للتحركات الأميركية التي تجري منذ أيام في بغداد على التنسيق العملياتي بين القوات اليمنية والمقاومة العراقية، مؤكداً أن تلك الترتيبات المقلقة للأميركيين وأدواتهم الإقليمية تدلّ على قوة وأثر العمليات المشتركة التي نُفّذت في عمق الكيان خلال الفترة الماضية.
صنعاء أرادت أن تُسمِع واشنطن والرياض أنها مقبلة على تنفيذ عمليات أعمق وأوسع على مستوى المنطقة
من جهته، أكّد الحوثي في خطابه الأسبوعي، أمس، أن «عمليات قواته سوف تتضاعف ولن تتراجع أو تتأثّر بفعل الضغوط الأميركية والسعودية الاقتصادية»، وجدّد القول إن «تحذيرنا للسعودية بداية العام الهجري الجديد هو تحذير جادّ بكل ما تعنيه الكلمة»، مشدّداً على أنه «مهما كان تصعيد السعودية، ومهما نتج منه من تداعيات، فإن ذلك لن يؤثر أبداً على موقفنا الثابت والمبدئي في نصرة الشعب الفلسطيني»، ودعا المملكة مجدّداً إلى أن «توقف مسارها الخاطئ الذي لا مبرّر له، والحديث عن تعرّضها لضغوط أميركية غير مبرّر ولا مقبول». وقال الحوثي مخاطباً النظام السعودي: «اتركنا نحن للمواجهة مع أميركا وقل لها أن تواجهنا بكل إمكاناتها الضخمة، فلديها أكثر بكثير مما تملكه أنت، ولن تنجح في إيقاف عملياتنا المساندة للشعب الفلسطيني ولا في الحد منها، ولن تجبر شعبنا على التراجع عن موقفه وستخسر». وتابع: «عندما تورّط نفسك فستخسر بأكثر من خسارة الأميركي، فما لديك مما هو قريب منّا الكثير الكثير مما يمكن أن يُستهدف وأن يلحق بك أبلغ الضرر». كما جدّد التأكيد أن «استهداف البنوك والمطارات والميناء كلها خطوط حمر لا يمكن القبول بها».
ميدانياً، شنّت صنعاء عمليات هجومية واسعة بسبع طائرات مُسيّرة ضد سفن حربية معادية خلال الـ 48 ساعة الماضية، بحسب تأكيد مصادر في العاصمة اليمنية. لكنّ «القيادة المركزية الأميركية» قالت، في بيان، إنها «اشتبكت مع طائرتين مُسيّرتين وزورق مُسيّر تابعة لقوات صنعاء في البحر الأحمر». ورغم عدم إعلان قوات صنعاء رسمياً تنفيذها الهجوم، إلا أنها تتجاهل في الغالب الحديث عن العمليات الموجّهة ضد بوارج ومدمّرات أميركية في البحر الأحمر، عندما يكون الهدف استنزاف مخزونها، عبر استخدام طائرات مُسيّرة رخيصة الثمن، وفق مصادر عسكرية في صنعاء.
* نقلا عن :الأخبار اللبنانية