تشهد مدينة عدن منذ عدة أيام اشتباكات عنيفة وحرب شوارع بين قوات ما يسمى بالمجلس الانتقالي التابع للإمارات وقوات ما يسمى بالحماية الرئاسية التابعة للسعودية وتجري الأحداث في ظل صمت سعودي إماراتي وعدم تدخل أو تحرك قواتهم العسكرية التي تحكم عدن لإنهاء القتال.
وقبل الأحداث ذكرت العديد من وسائل الإعلام التابعة للمرتزقة أن السعودية دفعت بالعديد من القوات العسكرية إلى عدن وكانت أبوظبي على لسان وزير خارجيتها أنور قرقاش قالت أن هناك تنسيقاً كاملاً بين الإمارات والسعودي وإن خطة إعادة الانتشار الإماراتية تجري في إطار التنسيق بين الإمارات والسعودية في كافة مناطق اليمن.
وبما أن هناك تنسيق حول الأمور السياسية والعسكرية بين الدولتين فإن الموقف السعودي والإماراتي من هذه الاشتباكات والأحداث الدامية التي راح ضحيتها العشرات يبعث عن تساؤلات عدة حول الأهداف الحقيقية التي تسعى إليها الرياض وأبوظبي في جنوب اليمن.
ويذهب العديد من المحللين إلى أن ما يحصل في عدن اليوم هو مؤامرة سعودية إماراتية لتمكين القوات الانفصالية التابعة لبعض القوى الجنوبية من عدن وبعض المناطق ليتسنى لهم فصل الجنوب عن الشمال ولكن بصورة درامتيكية لا تظهر أن للرياض دوراً في ذلك خاصة وأنها تدعي أنها دخلت الحرب على اليمن من أجل إعادة الشرعية والحفاظ على وحدة البلاد وهذا ما يتنافى مع أهدافها وخطتها في اليمن لذلك بعد ان وصلت إلى طريق مسدود في حربها وعدوانها وفشلت بشكل رسمي خلال الخمسة أعوام من العدوان في تنفيذ مخططاتها بالشمال والعاصمة صنعاء فإنها اليوم تعمد إلى تنفيذ مؤامرة في عدن من خلال إذكاء الصراع وتشديد القتال بين فصائل المرتزقة وتهدف هذه الخطة إلى تمكين قوات ما يسمى بالمجلس الانتقالي من عدن. ويشير أصحاب هذا الرأي إلى أن القوات السعودية والإماراتية المتواجدة بعدن هي من يتحكم بالأمور وهي من توجه المرتزقة هناك لذلك لو كانت لا تريد الحرب والاشتباكات لأوقفتها خلال دقائق واستطاعت السيطرة عليها ومنعت حدوثها لكن هذا لم يحصل.
ويرى آخرون أن ما يحصل في عدن هو نتاج طبيعي للاختلافات الإماراتية السعودية حيث يعتقد العديد من المحللين أن الرياض وأبوظبي متفقتان على الأهداف في اليمن لكنهم مختلفون في الاستراتيجية حيث ترى الرياض أن جماعة هادي وحزب الإصلاح الإخواني قد يكونون هم الأجدر بحكم ولائهم المطلق للرياض بحكم المناطق التي تسيطر عليها السعودية والإمارات وتدافع الرياض عن الإخوان وتقول إن ولاءهم القبلي أكثر من الديني لذلك فإن بقاءهم في يدها شيء مضمون وملموس ولا تريد الرياض أن يتزعم الإخوان الدولة ولكن يبقون المحرك الايدلوجي لها من أجل إضعاف العقيدة الأيدلوجية والرؤية السياسية لأنصارالله غير ان ابوظبي ترفض الخطة السعودية هذه وترى أن الإخوان قد يتحولون الى قوة عسكرية وسياسية وفي هذا خطر على وجودها في المستقبل كما ان الإيدلوجية الاخوانية خطر على مستقبل الأنظمة الحاكمة في ابوظبي والرياض لذلك تفضل ان تحكم اليمن عن طريق السلفيين ومجموعات من الحراك الجنوبي الذين علمتهم ودربتهم ومن هذا المنطلق تركت الرياض وأبوظبي أدواتهم في عدن يتقاتلون لكي يروا من يحسم المعركة ومن حسمها سيكون هو الفائز بحكم عدن واليد الطولى للإمارات والرياض في وقت واحد باعتبار أن السعودية ايضا لا يوجد لديها مشكلة مع تيار السلفيين والجنوبيين كما انهم ايضا سعوا بكل قوة لإقناع السعودية بأنهم أفضل لها من الإخوان ومجموعات منصور هادي.
وعلى أي حال توجد بعض التحليلات الاخرى حول أن الصراع في عدن هو صراع إمارتي سعودي بامتياز وأن المعركة في عدن معركة سعودية إماراتية لترتيب وضع ما بعد الانسحاب الإماراتي. حيث تسعى ابوظبي إلى تثبيت وضع أدواتها لضمان بقاء هيمنتها وحفظ مصالحها بعد انسحابها أو إعادة انتشارها حتى لوكان ذلك الوضع انفصال الجنوب أو جزء منه بينما تسعى الرياض الى تقليص النفوذ الإماراتي وبالتالي تقليص هيمنتها من خلال ضرب أدوات الإمارات وتطويع من استطاعت تطويعه منهم.
وبحسب السياسي عبدالقادر المرتضى فإن المجلس الانتقالي وألوية مايسمى بالحزام الأمني أبرز الأدوات الإماراتية حسمت أمرها في هذه المعركة وقررت المواجهة حتى الآن من أجل أبوظبي لكن الأدوات الأخرى للإمارات مثل مايسمى بألوية العمالقة.. وطارق عفاش لازالت حتى الآن في المنطقة الرمادية حيث ينتظرون على مايبدو نتائج المعارك القائمة لتحديد مواقفهم، إما أن يبقوا على ولائهم للإمارات أو أن تستطيع السعودية تطويعهم لصالحها..