من أجل أن تكتمل المشاهد الأخيرة من مسرحية الاحتراب الجنوبي الدائر في عدن بين أحذية الإمارات ، وقباقيب السعودية ، وبعد أيام من الاقتتال والتناحر بين الطرفين ، أعقب قيامهم بترحيل وتهجير أبناء المحافظات الشمالية من عدن وقتل بعضهم واعتقال البعض الآخر ، أطلت السعودية برأسها من جديد بعد أن دفعت بآليات ومعدات عسكرية إلى عدن لدعم أذنابها في معركة الهيمنة والاستحواذ على عدن ، وهي المعركة التي حسمها مرتزقة الإمارات بعد أن سيطروا على القصر الرئاسي وبسطوا نفوذهم على أجزاء واسعة من مدينة عدن.
حيث ذهبت السعودية لمغازلة المجلس الانتقالي الجنوبي الطرف المدعوم إماراتيا والذي حقق الانتصار على الأرض بنسبة كبيرة بتوجيه الدعوة لقياداته للتوجه إلى الرياض لعقد حوار جنوبي جنوبي يفضي إلى حل ملف الجنوب وترتيب كافة الإجراءات التي تسبق إعلان انفصال الجنوب من طرف واحد بعد ضمان الحصول على الدعم والتأييد الدولي والأمريكي على وجه الخصوص لهذه الخطوة التي تمثل أحد أهم أهداف العدوان على بلادنا ، وبحسب التسريبات فإن السعودية تسعى للتنسيق بين الانتقالي وحكومة الفنادق بهدف التوصل إلى أرضية مشتركة يمكن من خلالها الانطلاق للعمل تحت قيادة واحدة تمثل المحافظات الجنوبية كمقدمة مشجعة ومحفزة للمجتمع الدولي لدعم خيار الانفصال الذي طال انتظاره وخصوصا من جانب السعودية والإمارات ، فكلاهما ضد الوحدة وخصوصا الجانب السعودي الذي عمل جاهدا على وأد حلم تحقيقها في عهد الزعيم الراحل الشهيد إبراهيم الحمدي ، كما عملت على الحيلولة دون إعلانها في 22مايو 1990، وسعت لإجهاضها في صيف 94وظلت تحيك ضدها المؤامرات الواحدة تلو الأخرى ، وكذلك عملت الإمارات عقب تدهور صحة خليفة بن زايد وتولي شقيقه محمد مهام الرئاسة حيث أظهر حقده الدفين على اليمن ووحدته ، ولم يدخر أي وسيلة في إيذاء الشعب اليمني متنكرا لوصية والده ، ليعبث بأمن واستقرار الأمن ، ويسعى جاهدا لتمزيقه وتفكيكه والنيل من وحدته.
حالهم حال المجرم الذي يقتل القتيل ومن ثم يقوم بالسير في جنازته ، هم من أول الأوضاع في الجنوب عامة وعدن خاصة إلى ما هي عليه اليوم ، هم من دعم ومول الاحتراب الجنوبي في عدن ، وهم من يعمل على تغذية هذا الصراع ، وهم المستفيد الأول منه ، ويأتون للدعوة لحوار جنوبي في الرياض ، ليظهروا أنفسهم الأكثر حرصا على الجنوب والجنوبيين ، وكأن الناس عندهم أغبياء وسذج إلى هذا الحد !! ، فالجنوب لا يحتاج إلى حوار لا في الرياض ولا في غيرها ، وما يحتاجه الجنوب هو رفع السعودية والإمارات أيديهما عنه ، وقطع كافة أشكال التمويل والدعم والإسناد المالي والعسكري المسخر لتدمير الجنوب وتفكيك أوصاله ، وإغراقه في دوامة من الحروب والصراعات المناطقية في محاكاة لأحداث 13يناير 1886.
بالمختصر المفيد السعودية تريد من وراء دعوتها للحوار مع المجلس الانتقالي في الرياض الحصول على الوصاية السعودية على هذا المجلس الموالي للإمارات ، والذي يبدو أن أوجه دعمه ومصادر تمويله تخضع للتناوب بين السعودية والإمارات وخصوصا بعد إعلان الأخيرة غير الرسمي الانسحاب من اليمن ، وكأنها تحبذ اللعب من خلف الستار خشية تعرضها لعمليات سلاح الجو المسير والقوة الصاروخية اليمنية ، وأمام ذلك فإن على الجنوبيين أن يدركوا أن الخطر الحقيقي الذي يتهددهم ومحافظاتهم يكمن في السعودية والإمارات ، فهما تلعبان لعبة قذرة هم وقودها ، وهم من سيدفعون ثمنها غاليا ، فلو كانت السعودية أو الإمارات تمتلكان ذرة حرص على الجنوب لما كان حاله على ما هو عليه من بؤس وشقاء ومعاناة وحرمان ورعب وقلق في كل مكان ، وعدوهم بالحرية فظهرت السجون والمعتقلات السرية ، وعدوهم بالأمن والأمان فطالتهم الاغتيالات والحروب والتفجيرات ، وعدوهم بالحياة الكريمة فظهر الفقر والعوز، وعدوهم بالاستقرار المعيشي فحلت الكوارث والأزمات ، وعدوهم بالحياة ولم يمنحوهم غير الموت.
هذا وعاشق النبي يصلي عليه وآله.