منذ بداية العدوان السعودي الأمريكي التحالفي المجرم على اليمن الذي يفتقر إلى المشروعية والمبررات الموضوعية ، كان الاستعداد للسلام وحل المشكلة اليمنية في إطارها الداخلي ثابتا من ثوابت الموقف السياسي اليمني الوطني العام الذي عبر عنه قائد الثورة السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي ، واللجنة الثورية العليا ، ثم المجلس السياسي الأعلى وحكومة الإنقاذ الوطني لم يتغير .
الموقف اليمني الوطني من الحوار والاستعداد للتقارب في مجمل القضايا والملفات السياسية والعسكرية والأمنية والإنسانية الداخلية كان سمة الموقف السياسي اليمني المعلن في صنعاء سواء أمام الشعب اليمني في الداخل ، أو أمام القوى والأطراف الخارجية ، والمبعوثين الأمميين الزائرين .
وعلى صعيد الموقف التفاوضي الوطني مع الطرف الآخر كان الاستعداد لإنجاح السلام والتعاطي بإيجابية مع كل القضايا حقيقيا ، في جنيف 1 و 2 كما في الكويت والسويد كان الطرف الوطني هو المبادر إلى إظهار حسن النوايا وتقديم الرؤى والتصورات الواقعية لحلحلة مختلف القضايا بروح تغلب المصلحة الوطنية ، في حين كان الطرف الآخر المنتحل للشرعية القادم من الرياض فاقدا لصلاحية اتخاذ القرار في أي شأن من الشؤون ، بل إنه ظل وفي كل جولات التفاوض يلعب دور الطرف المعطل للمشاورات .
ينطلق الطرف الوطني في دعوته للحوار الوطني من منطلقات عدة :
– شرعية لإقامة الحجة على الطرف الآخر أمام الله وأمام الشعب اليمني والرأي العام العالمي .
– شرح وتوضيح حقيقة الموقف اليمني المواجه للعدوان لما يسمى المجتمع الدولي ومن مختلف القضايا ، فلقد تعرض هذا الطرف ولا يزال لحملة تشويه وشيطنة وتبخيس سياسي وإعلامي من قبل تحالف العدوان لم تتوقف يوما خلال سنوات العدوان وما قبلها .
– كانت مواقف قيادة ثورة الـ21من سبتمبر وسلطة المجلس السياسي الأعلى وحكومة الإنقاذ الوطني الإيجابية والمسؤولة من الحوار مثار احترام الداخل الوطني ، كما كانت من أهم عوامل تحصين الجبهة الداخلية اليمنية في مواجهة العدوان ، إدراكا من القيادة بأنها تقف على قاعدة صلبة من المشروعية والوضوح والصدق في التعاطي مع الشأن الوطني ، وفي لحظة تاريخية لا تقبل المساومة أو التفريط بقضايا اليمن وشعبه ومستقبله .
إن وعي المواطنين اليمنيين بحقيقة العدوان والحصار وأهدافه المشبوهة قد ترسخ عبر شهور وسني العدوان ، وتأكد لدى غالبية الشعب اليمني العظيم النوايا الخبيثة للعدوان في تقسيم وتفكيك اليمن واحتلاله ونهب خيراته وبما يخدم مصالح أمريكا وبريطانيا والكيان الصهيوني في المقام الأول .
لقد تسببت تدخلات السفير الأمريكي والسعودي في إفشال كل جولات الحوار التي رعتها الأمم المتحدة ، بما فيها اتفاق السويد الذي كان من الدقة والوضوح بحيث يصبح قابلا للتنفيذ من الجانبين ، لكن ومع ذلك وبرغم إلزامية تنفيذه بقرارات من مجلس الأمن ، وبرغم إشراف ممثلي الأمم المتحدة عليه ، فلم ينفذ منه سوى بضع خطوات تقدم بها الطرف الوطني من جانب واحد .
– استراتيجية : تهدف إلى محاولة يمننة القضية اليمنية وإعادتها إلى سياق الحوار الوطني الداخلي ، بعد أن نجحت السعودية في تدويلها وشراء مواقف ما سُمّي بالمجتمع الدولي لاعتبار الشرعية حصرا في عبدربه منصور هادي ومن معه من المرتزقة القابعين في فنادق الرياض ، وذلك لإطالة أمد العدوان والتبرير له ولما يحقق مصالح أمريكا والكيان الصهيوني التوسعية في اليمن والمنطقة .
إن التدخلات الأجنبية في قضايا اليمن والمنطقة كانت ولا تزال سببا في تعقيد الأزمات وإطالة أمدها ، وهو ما لا يرغب فيه الجانب الوطني المدرك لمخاطر تلك التدخلات الأجنبية الآنية والمستقبلية والذي يرى في الحوار سبيلا للحد من تلك المخاطر .
– أخلاقية تعبر عن الشعور بالمسؤولية إزاء العدوان والحصار السعودي الأمريكي المفروض على الشعب اليمني وما أدى إليه من معاناة إنسانية شاملة ، ويأتي الحوار من قبل حكومة صنعاء في اطار البحث عن أي فرصة أو بارقة أمل للتخفيف من آثار العدوان والحصار.
الحوار والفهم الخاطئ للعدوان
تميزت ردود فعل العدوان السعودي الأمريكي الإماراتي التحالفي بالتفسير الخاطئ لكل دعوات صنعاء للسلام والحوار الذي يفضي لحل عادل للأزمة في اليمن بكل أبعادها .
فهم العدوان السعودي ومرتزقته وخبراؤه الاستراتيجيون أن دعوات صنعاء المتكررة وفي كل مناسبة دينية أو وطنية للحوار والسلام إنما تنم عن ضعف ونفاد صبر وعجز في الميدان عن مواجهة التحالف ، هذا الالتباس والعجز التحالفي المزمن عن فهم استراتيجية القوى الوطنية المواجهة للعدوان وكيف تفكر وما هي منطلقاتها السياسية والأيديولوجية ، قد أدى لتخبط تحالف الشر والعدوان وساقه وعلى مختلف الصعد من فشل إلى فشل والحمدلله .