|
القلادة..
بقلم/ د.أسماء الشهاري
نشر منذ: 8 سنوات و 3 أشهر و 5 أيام الثلاثاء 16 أغسطس-آب 2016 11:30 م
مجد: انظر إلى نصر يا علي.. إنه على هذه الحالة من فترة طويلة.. يجلس على الصخرة حزيناً و يده تُمسِك بالقلادة و يُطيل النظر إليها في سكون و تارة آراه كأنه يتحدث إليها..
علي :نعم يا مجد، منذ استشهد فارس بالأمس و هو على هذه الحالة.. لا تنسى أن فارس هو صديق نصر منذ طفولته و رفيق دربه.. آه كم كان شُجاعاً و مِقداماً.. لولا غدرهم له بالصواريخ لما نالوا منه هو ومن معه أبدا لقد وصلت إليه شظايا منها ، لكنهم أجبن من أن يواجهوا براً، و كيف للفئران أن تثبت عندما تواجه الأسود الضارية!!
مجد: نعم يا مجد لقد صدقت، ولكن ما قصة القلادة؟
علي: إنها قصة مؤثرة جداً يا صديقي، بالأمس و عندما كان فارس يلفظ أنفاسه الأخيرة بين يديّ نصر ناولهُ القلادة بيده المرتعشة و قال له بصوت متقطع: أخي نصر و صديق دربي هذه القلادة أمانة في عنقك..
مجد: فهمتُ الآن.. أعرف شعور نصر جيداً.. لقد آلمنا فراق فارس كلنا..
و غير بعيدٍ على الصخرة التي كان يجلس عليها نصر.. و الدموع قد ملأت عينيه و بيده القلادة التي لم تفارق عينيه ولا يديه.. و التي أخذت اللون الأحمر القاني بدماء فارس الطاهرة.. أخذ نصر في الحديث إليها :
هل تعرفين كم أنتِ غالية على قلبي و نفسي.. آه.. ما أزكى رائحة الدماء التي تغطيكِ و كأنك ِ من الجنة..
لستِ غالية علي فقط.. بل كنتِ عزيزة على فارس أيضاً لم تكوني تفارقينه..
لكن.. كيف لي أن أعرف لمن عليّ أن أوصلكِ يا غالية؟
فقد كان فارس طيباً ومتواضعاً و شهماً ويحبه الكثير من الناس..
هل يجب علي أن أعطيك ِ لوالدته الذي كان الهواء الذي تتنفسه ؟
أم لوالده الذي كان يرى فيه آماله و أمنيات حياته ؟
أم ربما لزوجته الحبيبة و رفيقة دربه فقد تكوني هدية منها إليه..
أو قد تكون لطفلته الحمد لله سارة التي يفتقدها دائماً و قد حدثني عن قرب يوم ميلادها .. أو ربما أن عليها صورة مولوده الذي غادره بعد ولادته بساعات قليلة مُلبيّاً لنداء الله و الوطن و هو لم تكتحل عينيه منه بعد!
و لماذا.. لماذا لا أحتفظ بكِ أنا؟ فأنا أشعر أنكِ قطعة من قلبي!
أنا في حيرة من أمري! لكنكِ أمانة.. ليس أمامي خيار آخر.. سأمسح الدماء التي على الصورة و أحتفظ بالمنديل لأغلى دماء و آخر ذكرى من رفيق دربي و جهادي..
يجب أن أعرف فأنتِ أمانة في عنقي..
فجأة..
إذا بمجد و علي ينظران إلى نصر يركض نحوهما مُسرِعاً و هو يبتسم و يبكي في نفس الوقت..
وصل نصر إليهما و هو بالكاد يلتقط أنفاسه و يقول لهما :انظرا القلادة
علي: نعم نصر هذه قلادة فارس الشهيد..
نصر: انظرا إلى الصورة..
مجد: يا إلهي.. إنه علم الوطن!راية الوطن الغالي
نصر: نعم إنه أمانة في عنقي و في أعناقنا جميعاً.. ستظل رايته مرفوعة و عالية دوماً..
إنها أمنا اليمن هذه القلادة تخصها .. لن يسلم من يعاديها أو يسعى لأن ينكس رايتها ما دامت الدماء في عروقنا.. و سيظل علمها يرفرف عاليا عاليا عالياً.
|
|
|