قد يبدو العنوان غريباً للبعض ومُريباً للبعض الآخر، ذلك أنه لا يخفى على كل ذي لب الدور الأساسي والبارز لأمريكا أو كما تُعرف بالشيطان الأكبر في شقاء دول وجرّ الويلات لأخرى.
لكنني في هذا المقال أود الحديث من زاوية أخرى ومن منظور آخر.. فأحياناً قد يحسن البعض دون أن يقصد ودون أن يشعر حتى ولو كان عبارة عن شر محض وكل أعماله سوء خالص.
وهنا سأتحدث كيف شاركت أمريكا ومن ورائها إسرائيل في صناعة مقاومة الشعوب العربية والإسلامية وصقلها وتطويرها حتى وصلت إلى ما هي عليه اليوم والتي ربما لن تقف عند حد حتى تقتلعها وتبتلع كل بؤر الشر والإجرام في العالم أو كما يقول المثل عندما ينقلب السحر على الساحر.!
كما هو معروف أن الشعوب العربية والإسلامية مرت بفترة طويلة من الركود والجمود خاصة بعد احتلال فلسطين، لكن دول الاستكبار والاستعمار ظلت في حالة متواصلة من التفكير والتدبير والسعي إلى السيطرة والتدمير، فجاءت مخططاتها على شكل صفعات متتالية ومتوالية لتيقظ من لا يزال فيه شيء من العقل أو الضمير.
وعلى الرغم من أنه كانت هناك العديد والعديد من الأهداف التي استطاعت أمريكا وحلفاؤها تحقيقها والوصول إليها من خلال عملها الدؤوب وسعيها المتواصل على هذه الدول والشعوب إلا أن هناك أهدافاً أخرى تحققت والتي ربما لم تكن في البال ولا في الخاطر.!
صحيح أن هذه الدول قدمت الآلاف من الشهداء وأعدادا أكبر من النازحين والمشردين عن بيوتهم وربما الأكثر عن بلدانهم، وصحيح أنه تم تدمير الاقتصاد والبنية التحتية بشكل كامل في عدد من هذه الدول وقد لا تزال غارقة في بحر من الفوضى الخلاقة وهو من أهم الأهداف بل وفي قائمة الأهداف وبدرجة أساسية لحرف البوصلة عن إسرائيل ومشاريعها في المنطقة بيد أن هذا الهدف تحقق بشكل عكسي وبشكل كبير، فكيف حصل ذلك؟
أهداف واضحة ودقيقة وضعتها دول الاستكبار العالمي وسعت لتحقيقها بكل الطرق الممكنة وبتدخل مباشر وغير مباشر، الدور المباشر تمثل بدرجة أساسية عن طريق سياستها تجاه هذه الدول وتحريك مجلس الأمن والأمم المتحدة أو تحييدها وفق مخططاتها وأجندتها ومشاريعها، والدور غير المباشر كان من خلال السعودية ومن انضوى تحت لوائها وكل تحركاتها ومنها تحريك ورقة داعش في كثير من البلدان العربية والإسلامية والتي لم يسلم من شرها أحد في هذا العالم.
وهنا وجدت هذه الشعوب نفسها أمام هكذا ويلات وتداعيات ولم يكن أمامها سوى خيار المقاومة بكل ما أمكنها وبكل ما تستطيع ضد آلة عسكرية عملاقة هزمتها أيما هزيمة ومرغت أنفها تحت التراب وليس فقط بين التراب!
وهذا ما نلمسه بشكل واضح في اليمن حيث سقطت سمعة فخر الصناعة الأمريكية من أعتى وأفتك الأسلحة وغيرها الكثير من الأسلحة والصناعات وذهبت أدراج الرياح.
وبالحديث عن المواجهة المباشرة مع المجاميع الإجرامية والمسلحة بمليارات الدولارات من البترودولار سواءً أكان ذلك في سوريا أو العراق أو اليمن أو غيرها فقد سقطت هي الأخرى وما حصل في الموصل هو أكبر دليل وشاهد على ذلك، أما ما تبقى من مناطق في العراق أو سوريا أو غيرها فالمسألة مسألة وقت فقط مهما بلغ حجم التكالب والتآمر ومهما دفعت هذه الدول من ضريبة في سبيل نيل الكرامة والتحرر إلا أنها ستصل إليها في نهاية الأمر لأن ثمن الكرامة والحرية غالٍ ولأنه لا يضيع حق وراءه مطالب.
وكأنَّ أمريكا وإسرائيل وبكل غباء قامت بإعداد جيوش عربية وإسلامية جرارة وكرارة غير فرارة لتكون في حالة مواجهة مباشرة مع أصناف السلاح وأصناف المجرمين من شتى بقاع العالم، فماذا بعد أن يكون المقاتل اليمني الشرس مثلا في مواجهة مباشرة مع أنواع الأسلحة من صواريخ وقنابل عنقودية وغيرها ولا يزال يتصدر المشهد!
وفي الطرف الآخر صحيح أن هناك تضحيات بالغة وباهضة دُفِعت ولا تزال تُدفع، لكنها عندما قامت بحشر كل الأدعياء والمنافقين من أدواتها الاستخبارية في أكثر من دولة عربية لكي يتم مواجهتهم فقد فعلت خيراً كثيراً فالأفضل دون شك هو أن يتم تنظيف الساحة منهم ومن درنهم، حتى يحين الموعد الحتمي للمواجهة مع إسرائيل وهو آتٍ لا محالة ستكون بمفردها ولاتَ حين مناص!
فآل سعود وكل الأنظمة الخائنة والعميلة إلى زوال وهذا ما تشير إليه كل الأحداث الجارية والمتواصلة مهما قصر الوقت أو طال.. وفي هذا الوقت بالذات تم بحمد الله وحتمية مواجهة التدخلات الخارجية إعداد أجيال غُرست فيها مفاهيم العزة والكرامة والرفض للخنوع والضيم.. أجيال في مختلف أرجاء الوطن العربي والإسلامي الواحد الواعد من اليمن إلى العراق إلى لبنان إلى البحرين إلى سوريا إلى فلسطين ومختلف البلدان العربية والإسلامية ترى أن سكب الدماء وتقديم الأرواح قرابين في سبيل الله والوطن والحق والمستضعفين أمر هين بل ومحبب وأقل ما قد يوهب وأن لا عيش بدون كرامة!
إذن ماذا تنتظر السياسة الأمريكية والاحتلال الإسرائيلي ممن هزم أعتى وأفتك الأسلحة وقضى على خرافة البغي والإجرام بكل بشاعته وكل جرائمه ووحشيته التي هي وصمة عار سوداء في تاريخ البشرية جمعاء.
وما مسألة تحرر هذه الشعوب التي تحمل هذا الوعي وهذه القيم والمبادئ ونهضتها وتوجيه طاقاتها الحقيقية المتفجرة نحو عدو الأمة الحقيقي إلا مسألة وقت فقط، ودائماً أقول: أليس القدس بقريب.
وأقول مجدداً- شكراً أمريكا..