الإنسان المؤمن «الحكيم» لا ينظر إلى الظواهر ، ولا يجري خلف كل صوت ناعق ويردد ما يُقال كالببغاء ، هو دائما حريصا متحريا يسبر أغوار البواطن ولا يشغله ظاهر على باطن ، ولا يحركه قريب عن بعيد ، وإنما هو دائما يبحث عن الحقيقة الصادقة ، وراء ركام الظاهر ؛ الأغلب منا وللأسف الشديد في هذا الفضاء الأزرق يتجه خلف الظواهر، تحركه العاطفة وتسقطه في وحل الباطل رسالة منمقة ويستغله الأعداء والحاقدون وأصحاب المصالح والولاءات الضيقة، فتراه يتضامن مع هذا وينشر لذاك ويتعصب مع أولئك لأنهم أصدقاء أو مقربين بدون وعي ولا حكمة بدون رشد ، وكأننا في سلم وسلام وأمن وأمان ولسنا في عدوان وحصار وحرب مع أقوى قوى العالم ، نواجه منذ ستة أعوام ترسانة عسكرية ضخمة هي الأقوى في العالم ، وجبهة إعلامية تمتلك كل الوسائل والإمكانات وتستخدم كل الأساليب القذرة لضرب وعي أبناء الشعب ونشر الشائعات والإخلال بالجبهة الداخلية و و إلخ ، ناهيك عن الحرب السياسة والاقتصادية .
ليتنا ندع هذه الصفات الذميمة ، ونضع ميزان “الحكمة” ميزان البصيرة والرشد، فوق كل اعتبار ميزان “الصدق والأمانة” عند تقييم المواقف عند التضامن مع الأشخاص ، نكون واعين في مواجهة الشائعات ولاننساق خلف كل ناعق ، ثم نضبط موازيننا بناء على تصنيفهم وتحديد وجهات نظرهم القائمة والمبنية على المصالح والولاءات في الصراع، إما على السلطة والمال أو على مصالح عدة بين سراق الأموال والمناصب ، ونتعلم ذلك من هدي ربنا ، ومن نور قرآننا « وحسب توجيهات قائدنا وعلمنا يحفظه الله” والخضوع لسلطان الحق ونعي ونثق أن التعصب مع أشخاص معينين على الخطأ ، ليس إلا تحولا عن الحق ، بدافع الهوى ، وحافزاً من سوء الخلق ، وحاداً من نقص العقل ، ووازعاً من ظلام الروح ..
فمن أراد أن ينصف نفسه من السقوط في مغبة «التعصب» مع الباطل قبل الانجرار خلف النواعق ، الانجرار خلف الشائعات ، خلف أصحاب المصالح ، قبل أن يضر بالجبهة الداخلية ،قبل أن يسقط في وحل الباطل ، فليضع الميزان الدقيق ، دونما نظر إلى من سيزن له ، أو من سيقيم أعماله، هكذا بالعقل والمنطق إن كان هذا العمل فيه رضاً لله (سبحانه وتعالى ) وسيُقابل بسخط من قبل أعداء الله سيضر بمصالحهم سيبطل أكاذيبهم سيدحر شائعاتهم سيعزز وعي الشعب وقناعته في مواجهة قوى الطاغوت والاستكبار ينسجم في مجمله مع قيم و مبادئ وأخلاق المشروع القرآني العظيم وتوجيهات علم الهدى فهو عمل صالح وإن كان عكس ذلك وله آثار سلبية على الجبهة الداخلية سيضر بجهة مواجهة العدوان فهو باطل محض ، وإذا رضي عنك الباطل فاعلم أنك على باطل وإياك والتحرك في عمل أو الانجرار خلف شيء قبل الوزن ، فالحكمة والبصيرة لا وطن لها وإن جاز أن يكون لها وطن ، فقلب التقي الولي ، المؤمن المجاهد الصادق ، ولقد حث الرسول الكريم «صلوات الله عليه وعلى آله المؤمنين على اقتفاء أثر الحكمة ، وتلمس سبلها ، غير عابئين بتصنيف أصحابها ولا أهليها ، قبل اقتناء حكمتهم ، وتعلم أسرارها.
كذلك الإمام زيد (عليه السلام) عندما قال البصيرة البصيرة ثم الجهاد ، لأن المؤمنين هم أهل ذلك ، وأحق به أيضا قول الإمام علي( عليه السلام) «الحكمة ضالة المؤمن ، أينما وجدها ، فهو أحق بها» والحكمة والبصيرة «وضع الأمور في نصابها»، تقييم المواقف بناءًّ على أساس من هدى الله وذلك ملاك الخير وأصله « وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُواْ الأَلْبَابِ » ومن دلائل ضعف العقل ، وفساد القياس ، وعدم البصيرة والحكمة والرشد عند بعض الناس ، «التفرس» الكتابة التضامن بناء المواقف قبل وزن الموقف مع من ينسجم، ولصالح من يعود؟ ، قبل وزن ماخلفيات نشر ذلك لماذا في هذا التوقيت بالذات ما الدافع ماهي الأسباب؟ ، من أجل تحديد الميزان الذي سيزنون به الموقف لصالح من يعود ، أو المعيار الذي سيقومون به وذلك بداهة ، يتناقض مع ميثاق هدى الله مع قيم و مبادئ وأخلاق القرآن مع ميثاق الخلق والشرف والإنصاف ، الذي هو روح العدالة الخالصة ، والذي هو أساس ديننا العظيم.