بعد أن راهنوا على مارب طيلة سنوات الحرب الماضية، انقلب السحر على الساحر، وبات الإخوان في معتقل كبير بعد أن كانت المحافظة النفطية معقلهم الأثير.
ليس مهماً الآن كيف حدث ذلك، الأهم أن الإخوان يتحضرون لنهاية مأساوية ما كان يمكن لأي متفائل تخيلها مع بدء الحرب العدوانية على اليمن، وترحيب الإصلاح قيادة وقواعد بالتدخل العسكري السعودي، وتقديم كل الدعم الميداني للتحالف، بما في ذلك تجنيد الآلاف من مليشيا الإخوان والقاعدة في خدمة الحرب، والهدف المزعوم متمثلا في إعادة الشرعية والعودة إلى العاصمة صنعاء.
تبخرت كل هذه الأحلام وتحطمت على صخرة الصمود الشعبي. ورويدا رويدا وعلى وقع انتصارات الجيش واللجان الشعبية، وجد الإخوان أنفسهم بين فكي كماشة، فقد ارتد عليهم التحالف وبات رأس الحزب ومليشياته مطلوبا في الجنوب، بينما غدا معقله الأهم في مارب على مرمى القوات المسلحة اليمنية، التي باشرت استراتيجية قضم المواقع المحيطة بمارب، بهدف تحريرها بأقل الخسائر والتضحيات.
في مارب أمكن للإخوان السيطرة على موارد البلاد وثرواته من النفط والغاز، وبدل أن يحافظوا عليها ويتجهوا إلى تمكين الشعب من خيراتها، دخلوا في محاصصة مكشوفة مع أمراء الحرب ولصوص الشرعية، فتقاسموا الخيرات، وكونوا إمبراطوريتهم الخاصة بهم، وتقاطر الآلاف من الإخوان إلى مارب كمقاتلين أو موظفين حكوميين أو مستثمرين، ظنا منهم أنهم قد استحوذوا على حصتهم من الثروة ، وأن النصيب الأكبر من السلطة سيكون غطاء لهذه الامتيازات والمنافع التي آثروا منها لوحدهم على حساب الشعب اليمني، وهم من كان بالأمس القريب يذرف دموع التماسيح على ثروة البلاد، وكيف يمكن توظيفها في بناء اليمن وتنميته لو أنها غدت في أيد أمينة..!!
واليوم يرتقب الإخوان مصيرهم في مارب وهم لا يدرون ماذا يريد بهم تحالف العدوان، وهل سيخذلهم كما فعل قبلا، فيمنح القوى الوطنية وأنصار الله نصرا عسكريا وسياسيا وشيكا، أم يسارع إلى إنقاذهم بتقديم التنازلات التي قد تفتح باب الأمل أمام تسوية سياسية يدرك الإخوان أن هذا هو وقتها المثالي بعد أن خاب رهانهم وانكشفت أوراقهم ؟
لكن من قال أن التحالف في وارد خذلانهم، فما حدث بالشمال وما هذه الحرب العشواء التي أنفق عليها العدوان المليارات إلا بهدف تمكينهم مجددا تحت مسمى الشرعية، وإذا كانت الحسابات قد تغيرت بعض الشيء في المحافظات الجنوبية، فإن مصلحة التحالف وتحديدا الرياض تكمن في تقوية القوى والمليشيات المناهضة لأنصار الله في شمال البلاد ، ولا يمكن للسعودية أن تجد حليفا رخوا كالإخوان أو الإصلاح..
بيد أن كلمة التحالف ليست قدرا، فالصمود والثبات وتطوير القدرات، كلها عوامل منحت طرف صنعاء زمام المبادرة، وإمكانية الحسم العسكري في أي وقت، ولكي يتجنب الإخوان مصيرهم المحتوم، فليس أمامهم إلا البدار للتفاوض مع أنصار الله والقوى الوطنية في صنعاء في ضوء مبادرة فريق المصالحة الوطنية التي لا تزال قائمة، فإن أبوا، فاعلموا أن الله قد أمكن منهم، ولات حين مناص.