التناقض تجاه القيم الأخلاقية صميم في سلوك الغرب الرأسمالي، فهو لا ينظر لهذه القيم في ذاتها مفصولة عن ربحيتها، ويتعامل معها كسلع قابلة للمساومة، على سبيل المثال الإمبراطورية البريطانية كانت أول من أصدر قانوناً بإلغاء العبودية وتجريم تجارة الرقيق في 1833م.
قانون إلغاء العبودية الإنساني في ظاهره لم يكن صحوة ضمير متأخرة، إذ إنها مسؤولة عن نقل واسترقاق أكثر من 3 ملايين أفريقي إلى المستعمرات الأمريكية لاستخدامهم في زراعة وصناعة القطن عندما كان السلعة الأساسية في التجارة العالمية حينها، وكانت بريطانيا هي المهيمنة عليها.
عقب الثورة الصناعية في إنجلترا وتطور أدوات الإنتاج في القرنين الـ18 والـ19، حلت المصانع محل العمال، واستغنى أرباب العمل عن خدمات مئات الآلاف من الرقيق، وحينها ظهرت الدعوات المطالبة بإلغاء الرقيق بعد أن أصبحوا عبئاً على أسيادهم من النبلاء والملاك الذين كانوا جزءا أساسيا من تركيبة البرلمان.
ولايزال هذا التناقض البنيوي يعيد نفسه الآن في سلوك الدول الغربية تجاه الأزمات الإنسانية في اليمن وسوريا وليبيا وفلسطين.. يذرفون أطنانا من الدموع على الضحايا ثم يقفون على أشلائهم لمصافحة الشيطان، فلا شيء يعلو على أخلاق النجاعة والربحية، والإنسان خصوصاً الشرقي ما هو إلا سلعة في مزاد.
* نقلا عن لا ميديا