مشهد دماء وأشلاء الضحايا المتكرر كل يوم في اليمن يكشف في حده الأدنى عن وحشية عالمية وسلوك إجرامي سافر يرتكب بدعم وموافقة النفاق الأممي، للعام السادس على التوالي والقناعة تترسخ حول سلبية موقف الأمم المتحدة في التعاطي مع ما يعانيه اليمنيون بفعل جرائم بني سعود ووحشية عدوانهم وحصارهم، فلا صوت يدين أو يستنكر أو حتى يُحمّل تحالف العدوان مسؤولية أرواح أزهقت وتزهق ظلماً وعدواناً.
هول مجزرة الجوف المروعة التي ارتكبها طيران العدوان السعودي بحق أبناء الجوف لم تحرك مشاعر أو إنسانية من اجتمع على طاولة مجلس الأمن الذي صب جهوده على تلميع صورة هذا التحالف الإجرامي، ولم يعط شهداء وجرحى مجزرة الجوف حقهم، باستثناء حروف خجولة أعربت من خلالها منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) عن قلقها لمقتل وجرح مدنيين بينهم أطفال بمحافظة الجوف، وقال مكتب المنظمة الأممية باليمن في تغريدة على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر»: «نشعر بالفزع إزاء تقارير أفادت بمقتل وإصابة مدنيين بينهم أطفال في هجوم بمحافظة الجوف»، وبهذا يتأكد للجميع أن من يتشدق بالمحافل الدولية بحقوق الإنسان وحمايتها أثبت غير مرة أنه شريك بقتل اليمنيين وحصارهم لم يعد مستغربا التعاطي الأممي مع العدوان الوحشي على اليمن، فمن لم يتجرأ على التدخل الصارم إزاء أبشع الجرائم التي ارتكبت وترتكب بحق الأطفال اليمنيين، لم يعد في الأفق مجال للرهان على صحوة ضميره المفاجئة للتعاطي مع المظلومية اليمنية.
إذا خفض المجرم من جرائمه يصبح بريئا بغض النظر عن جرائمه السابقة، هذا هو قانون الأمم المتحدة الذي أصدره الأمين العام للمنظمة الدولية أنطونيو غوتيريش، لتبرئة العدوان السعودي من الجرائم التي ارتكبها بحق الأطفال في اليمن، فلا عجب من ذلك، عندما يحذف غوتيريش اسم السعودية من قائمة العار، فهذا يعني أنه لم يعد بإمكانه المقاومة أكثر أمام تأثير أموال السعودية والهيمنة الأمريكية على المنظمات الدولية، وكان قرار شطب السعودية من القائمة بمثابة الضوء الأخضر للرياض بارتكاب المزيد من المجازر بحق أطفال اليمن الجياع والمرضى والمنكوبين بالأوبئة والحصار، فلم تمر سوى أيام على قرار غوتيريش حتى تساقطت صواريخ السعودية على رؤوس أطفال اليمن، وهم نيام في أحضان أمهاتهم.
قرار غوتيريش بإزالة اسم تحالف العدوان الصهيوسعودي من «قائمة العار» في تقريره حول الانتهاكات المتعلقة بحقوق الأطفال، بما فيها القتل والتشويه في النزاعات المسلحة، أثار الكثير من الاستغراب لدى الرأي العام، خصوصاً عندما برر تصرفه هذا بزعم أن التحالف بقيادة السعودية خفض بشكل كبير القتل والتشويه الناجم عن الضربات الجوية وتنفيذه للإجراءات التي تهدف إلى حماية الأطفال!
وفي الوقت الذي كان ينتظر فيه اليمنيون إدانة صريحة لمجزرتي حجة والجوف، خرج مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة مارتن جريفيتث ليقول إن استمرار الهجوم الذي تشنه «مليشيا الحوثي الانقلابية» على مأرب، أمر غير مقبول، معرباً عن خشيته من أن يؤدي استمرار الهجوم «لتقويض احتمالات الوصول إلى سلام في اليمن» بشكل عام.
أما الاتحاد الأوروبي فإنسانيته المزعومة دفعته لإدانة ما وصفها بالغارات الجوية الأخيرة التي شنها من سماهم «المتمردين الحوثيين» على مواقع سعودية، ووصف المتحدث باسم الاتحاد الأوروبي، في بيان له، دفاع قواتنا الصاروخية وسلاح الجو المسير اليمني بعدة طائرات مسيرة وصواريخ باليستية، بالهجوم العشوائي على المدن السعودية.
حقاً إننا أمام عالم أعور يرى دفاعنا عن بلادنا هجوماً ولا يرى جرائم العدوان التي تقتل الأطفال والنساء. والله المستعان.
* نقلا عن لا ميديا