منذ فترة بدأنا نسمع بعض الأصوات والتصريحات الإصلاحية وبعض الكتابات الصحفية والمنشورات الفيسبوكية الإخوانجية التي تتحدث عن ضرورة التدخل التركي في اليمن ، على غرار ما هو حاصل في سوريا وليبيا ، حيث ذهب هؤلاء إلى مغازلة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ومنهم من طلب منه التدخل في اليمن ، من أجل إسناد مليشيات حزب الإصلاح التي تتعرض لانتكاسات وهزائم متلاحقة ، فقدت معها الكثير من المواقع والمناطق التي كانت خاضعة لسيطرتها وسلطتها ، وعلى وجه الخصوص محافظة الجوف ، وعدد من مديريات محافظة مارب عاصمة إمارة الإخوان والتي بات سقوطها بيد الجيش واللجان الشعبية مسألة وقت فقط.
سقوط الجوف والتطورات المتسارعة في جبهات مارب والبيضاء وتعز ، بالتزامن مع التطورات التي تشهدها المحافظات الجنوبية والشرقية ، تسبب في حالة من الرعب والقلق في أوساط القيادات الإصلاحية التي وجدت نفسها في مأزق ، وشعرت بالخطر الذي يتهددها في حال سقوط مارب والبيضاء وتمكن مليشيات الإمارات من الهيمنة على المحافظات الجنوبية وتمكين مليشيات الخائن طارق عفاش من السيطرة على تعز، مما دفع بها للتحرك صوب تركيا وطلب النجدة والعون والنصرة ، ظنا منهم أن ما عجز عنه التدخل الأمريكي والسعودي والإماراتي وتحالفهم الشيطاني ، سيكون متاحا وميسرا وسهلا أمام التدخل العسكري التركي ، وهو ما يشبه إلى حد كبير عشم إبليس في الجنة.
هذه التحركات الإخوانجية أفضت إلى إعلان وزارة الدفاع التركية عن استعدادها لإرسال فرقاطة عسكرية إلى خليج عدن ونشر قوات لها هناك وصولا إلى باب المندب بحلول سبتمبر المقبل وذلك تحت مبرر مكافحة القرصنة ، هذه الخطوة التركية غير المحسوبة النتائج ، تمثل في حد ذاتها انتهاكا سافرا للسيادة اليمنية ، وتدخلا سافرا في الشؤون الداخلية اليمنية ، وخرقا خطيرا للقوانين والمواثيق والمعاهدات الدولية ذات الصلة باستقلال الدول وسيادتها وأمنها ، وإذا ما أقدمت تركيا على القيام بها فإنها ستضاف إلى قائمة الدول المشاركة في العدوان على بلادنا ، وستكون هذه القوات هدفا مشروعا للقوات المسلحة اليمنية ، ولا يمكن السكوت على هذه الخطوة التي تهدف إلى الهيمنة على طريق الملاحة البحرية عبر باب المندب وخليج عدن خدمة للكيان الصهيوني الذي تربطه بالنظام التركي علاقات حميمية وتجمعهما مصالح مشتركة.
أردوغان يريد أن يكون طرفا مهيمنا في اليمن عبر بوابة الإخوان ، وهو بذلك يرتكب حماقة كبرى ، وسيكون هو وبلده وجيشه الخاسر فيها ، فقد سبق للأتراك وأن جربوا المقاتل اليمني وخاضوا معه الكثير من المواجهات وكانوا هم الخاسر فيها ، وما تزال مقابرهم في اليمن شاهدة على ذلك ، ويبدو أن أردوغان لم يستوعب الدروس السابقة، لذا عليه أن يستعد لاستعادة شريط ذكريات أجداده في اليمن ، فاليمن كانت وما تزال وستظل مقبرة للغزاة ، وهذه المرة لَّن يقام لقتلاهم أي نصب تذكاري يعلي من شأنهم ويرفع من ذكرهم ، فلم تعد القيادة ذاتها التي ترتهن للغازي المحتل وتقدم له التنازلات السيادية من أجل المال المدنس ، لقد ولى زمن العمالة والخيانة والارتزاق ، لا تمجيد ولا تخليد للغزاة ، فليس لهم إلا الخزي والعار ، الذي سيظل يطاردهم ويلاحقهم أينما حلوا وارتحلوا.
بالمختصر المفيد، الكل يعلم أن القرصنة التي تشهدها طرق الملاحة البحرية إسرائيلية أمريكية سعودية والخطر الذي يتهدد طرق الملاحة في المنطقة مصدره هذه الدول ، ولكن أردوغان يغالط نفسه ويسعى للتظاهر بالقومية والغيرة على اليمن واليمنيين ، كذبا ودجلا وتزييفا ، في حين أنه يسعى للهيمنة وإسناد مليشيات الإصلاح مقابل تقديم خدمات للكيان الصهيوني ، شاهدنا تدخله في سوريا والعراق وليبيا ، ومواقفه المخزية من صفقة القرن وانبطاحه للكيان الصهيوني وتطبيعه معه وخدمته لمشاريعه ومخططاته ، لذا لن تنطلي علينا هرطقات وتصريحات هذا الثعلب الماكر الدعائية التي يحاول من خلالها ارتداء ثوب الواعظ الحريص ، ولن يجد وقواته في اليمن إلا الموت ورجاله الذين ينتظرونهم بفارغ الصبر ، للقيام بواجب الضيافة اليمانية التي تليق بهم وتتناسب مع طبيعة المهمة التي جاءوا من أجلها.
هذا وعاشق النبي يصلي عليه وآله.