من يتابع الأداء البريطاني في الملف اليمني منذ بدء الحرب العدوانية على بلادنا، يلحظ أنها كانت تلعب على الدوام في الظل الأمريكي، بانتظار فرصة استعادة نفوذها القديم في بلد احتلت جنوبه لعقود طويلة، وما زالت تظن أنها قادرة على العودة إلى لعب ذات الدور القديم رغم تغير الظروف، وتبدل مواقع القوى المهيمنة والمتصارعة عالمياً. ورغم أن لندن قد وجدت ضالتها مع تنامي الدور الإماراتي في حرب اليمن، ومع بروز فاعل جنوبي جديد أكثر اندفاعا وانبطاحا، إلا أن الأداء الدبلوماسي للحكومة البريطانية، يثير الشفقة والاستغراب معا، إذ باتت تتصرف مؤخرا وكأنها الفاعل الرئيس في اليمن، وأن على كل الأطراف الإنصات إلى هذيان سفيرها المتصابي، والتعاطي معه كإملاءات لا ينبغي لأحد مقاومتها.
وإذا كان مثل هذا الحال يمكن أن يصدق مع مرتزقة تحالف العدوان السعودي الأمريكي، كونهم لا يمثلون إلا أنفسهم في أفضل الحالات، فقد جاء بيان رئيس الوفد الوطني، ووضع حدا للوهم الذي يعيشه مايكل آرون مع المبعوث الأممي مارتن غريفيث، وهما يخططان على نحو مفضوح لاستثمار وملء الفراغ الأمريكي، مع انشغال البيت الأبيض بالمعركة الانتخابية التي باتت على الأبواب. وإذ انكشفت الوعود التي يطلقها آرون في الهواء بعد الموقف الحاسم الذي أطلقته صنعاء مؤخرا، فقد عاود السفير البريطاني الاستظراف مجددا، وهو يتساءل معلقا على موقف الأستاذ محمد عبدالسلام: لا أعرف لماذا يهاجمني!!..
فإن كانت بريطانيا لا تعرف لماذا نهاجم سياستها في بلادنا، فنحن نعرف أكثر من غيرنا أن البريطاني لا يمكن أن يكون وسيطا محايدا، فبالإضافة إلى أنه شريك في الحرب العدوانية على بلادنا، فهو أكثر طرف بعد الأمريكي استفادة من صفقات السلاح مع السعودية، وهو فوق ذلك أكثر الأطراف الدولية انفتاحا على دعاة الانفصال في الجنوب، كما أن الإماراتي والبريطاني يلعبان معا دور ” القواد ” في اليمن، لكن لصالح الأمريكي والإسرائيلي. فما الذي يمكن توقعه من دولة وحكومة هكذا حالها مع اليمن وشعبها ؟.
نصيحة أخيرة لبريطانيا وسفيرها: دع الخبز لخبازه، ودعك من مرتزقة السعودية والإمارات، فهؤلاء وأسيادهم ليسوا بأصحاب قرار، فكما أن الحرب على اليمن أمريكية بامتياز، فإن الحل السياسي هو الآخر لن يكون متاحا إلا بضوء أخضر أمريكي. أما إن شئت التلهي بالملف اليمني حتى حين، فليس في صنعاء من يملك ترف التصابي الذي تعيشه أنت وحكومتك..