( لِيُخْرِجَكُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ) تجسيداً للمحبة اليمانية الإيمانية للرسول الأعظم سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم، والصلة الوثيقة التي تربط أبناء يمن الحكمة والإيمان برسول الله، والمكانة التي يحتلها في قلوبهم، جاء الاحتفال بالمولد النبوي الشريف للعام 1437 تحت هذا الشعار الذي تضمنته الآية الكريمة سالفة الذكر، والتي أخبرنا فيها الخالق عز وجل عن واحدة من أبرز المهام والمسؤوليات التي أوكلها وكلف بها الرسول عليه وآله أفضل الصلاة وأتم التسليم، وهي إخراج البشرية من دياجير الظلمات وسبل الغواية والانحراف، إلى النور الإيماني الرباني المحمدي، الذي حملته رسالة الصادق الأمين، التي شعت أنوارها أرجاء المعمورة لتضيء لها مسالكها ودروبها الغارقة في الظلام والعتمة والوحشة .
واقع مرير، وحالة مزرية، ووضع محزن، الناس في حالة من التية، يسيرون على غير هدى، يعبدون الأصنام والتماثيل، التي صنعوها من الأحجار والأخشاب والطين والتمور، ويمجدونها ويعبدونها ويبالغون في تعظيمها والإعلاء من شأنها، يدفنون البنات أحياء، ويمارسون الفجور والسفور والإجرام والتوحش، ويرتكبون المنكرات التي تتعارض مع الفطرة التي فطر الله الناس عليها، والتي تسيء إلى آدميتهم، يعيشون حياة الأنعام والسوائم بلا هدف، كل همهم إشباع رغباتهم وشهواتهم وملذاتهم، يغرقون في مستنقعات الظلام التي تجرهم إلى الهاوية، وتدفع بهم نحو الضياع، الذي يقودهم إلى جهنم وبئس المصير .
في خضم هذا الواقع المرير ولد الرسول الأعظم صلوات ربي عليه وآله، ولد المنقذ للبشرية من الغواية إلى الهداية، ومن الظلمات إلى النور، ليبدأ فور نزول الوحي عليه بنشر أنواره المحمدية من خلال الشروع في الدعوة إلى دين الله سرا لمدة 13عاما، قبل أن يأتي الأمر الإلهي بالجهر بالدعوة (فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ) فسطعت أنوار رسالته في مكة التي ضاق من وهجها كفار قريش فأمعنوا في مضايقته ومن آمن معه خلال تلكم الفترة، حاصروه وعذبوا رفاقه، وتآمروا على قتله، ولكن مشيئة الله كانت الغالبة، فجاء التوجيه الإلهي له بالهجرة من مكة إلى المدينة، لبناء الدولة الإسلامية .
وبوصوله والمهاجرين معه إلى المدينة المنورة واستقرارهم فيها، بدأ النور المحمدي يتسلل في المدينة وما جاورها وبدأت تتغير أحوال المنطقة وأوضاعها، وخلال فترة وجيزة سطعت أنوار الرسالة المحمدية وبدأت بالانتشار لتضيء الدروب المظلمة، وتعيد الحياة للقلوب المشبعة بالعتمة والظلام، وتنتشلهم من الواقع الكئيب المظلم التي كانت عليه، فهدى الله على يديه أباطرة وجموع الشرك والكفر والإلحاد، فدخلوا في دين الله أفواجا، وأنار الله قلوبهم بأنوار الهداية المحمدية التي قادتهم إلى الطريق السوي والمسار الصحيح، الذي جعل منهم قادة عظماء وفرسانا أبطالا للدين الإسلامي تحت قيادة الرسول الأعظم سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم .
بالمختصر المفيد: تعظيماً وتقديراً لرسول الله محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وللدور الذي قام به، وللمكانة والمقام السامي الذي يحتله الرسول الأعظم في قلوب اليمنيين خاصة والمسلمين عامة، ومن باب إظهار معالم الفرحة بهذا الفضل الإلهي وهذه الرحمة الربانية المتمثلة في الرسول الأعظم عليه وآله أفضل الصلاة والسلام، نحتفل سنويا بذكرى المولد النبوي الشريف، وتكتسب احتفالاتنا لهذا العام أهمية بالغة، كونها تأتي في ظل الهجمة المسعورة التي يشنها الرئيس الفرنسي ماكرون وحكومته ووسائل إعلام فرنسية ضد رسول الله والإساءات المتكررة لشخصيته العظيمة، والتحريض على الإسلام والمسلمين تحت شعار ( الإرهاب الإسلاموي ) والتي تتطلب منا كيمنيين أن نجعل من احتفالاتنا بالمولد النبوي لهذا العام أكثر زحماً وأبلغ أثراً، للرد على هذه الإساءات والسفاهات الفرنسية التي تشجع على استهداف الرموز الدينية والتحريض ضد الأديان، والتي من شأنها خلق تداعيات كارثية، ستكون فرنسا ومن دار في فلكها هي الخاسر الأكبر على إثرها .
هذا وعاشق النبي يصلي عليه وآله وسلم .