الحرب العبثية عبارة متداولة في أوساط النخب السياسية والثقافية والإعلامية ممن يَفترضون أنهم في موقع الحياد مما يجري في اليمن من حرب، ويُنادون في كل محفل بإيقاف «الحرب العبثية»، وهو توصيف وتحليل خاطئ ومغالطة كبيرة، وسواء يختلف مَن يقولها وهو يَعلم خطأ ما يقول وبين من يرددها وهوَ لا يُدرك خطأ هذه المقولة أو المفهوم، ففي ميادين السياسة كما يقول المفكر الثوري الروسي فلادمير لينين: «لا يوجد فرق بين الخيانة عن قصد وبين الخيانة بسبب الغباء».
القول بأن هذه الحرب عبثية ادعاء زائف لا حقيقة له ترفضه علوم الاجتماع وعلوم السياسة والاقتصاد، وتنقضه الوقائع اليومية، فالحرب امتداد للسياسة بوسائل عنيفة؛ فالادعاء بأن الحرب عبثية يعني أنه لا يوجد موقف سياسي خلفها، والسياسة هنا هي تعبير مكثف عن المصالح المادية والمعنوية وعن الطموحات والتطلعات، وتحالف العدوان الذي يتزعم الحرب ضد بلادنا لا يخوضها عبثاً، بل له أهداف يسعى من خلال الحرب إلى تحقيقها، وهي أهداف استعمارية توسعية باتت ماثلة.
لا يُمكن القول بأن الحرب عبثية، فلا المعتدي الأجنبي يخوضها عبثاً، بل له مصالح وأهداف يُريد تحقيقها، وكذلك القوى اليمنية الوطنية والقوى العميلة، لكل قوة من هذه القوى مصالح وأهداف وتطلعات تريد تحقيقها من خلال ممارستها لهذه الحرب، ففيما القوى العميلة تريد فتات الدول الاستعمارية التوسعية؛ فالقوى الوطنية تدافع عن الشعب والوطن وسيادة البلد، فكل أطراف هذه الحرب الماثلة لها مصلحة في ممارستها للحرب وتختلف من طرف لآخر، ولا يوجد طرف من الأطراف يخوض الحرب عبثاً ونتيجة الملل وكنوع من الترفيه فيصغي لمن يقول له أوقف الحرب العبثية ليوقفها بكبسة زر كأنها معركة في لعبة إلكترونية!
ليست الحرب عبثية، وليس لها طبيعة واحدة، فهي حرب عدوانية من قبل دول تحالف العدوان والمرتزقة، وهي حرب ثورية وطنية من قبل القوى الوطنية، ولن تتوقف هذه الحرب لأن طرفاً من الأطراف يصغي لدعوة أوقفوا الحرب العبثية. ستقف الحرب عندما تنتصر أحد الأطراف بفعلها الميداني والسياسي، أو عندما يصل أحد الأطراف إلى نقطة العجز عن مواصلة الحرب ويخضع للطرف الآخر، ولهذا فإن شعبنا ووفدنا الوطني المفاوض يخوضون حربا وطنية ثورية تحررية مضادة للحرب العدوانية الاستعمارية الأجنبية، ويضعون نصب أعينهم تحرير الوطن والشعب وصون سيادته.
* نقلا عن : لا ميديا