تابع العالم ما يجري في أمريكا، باهتمام مبالغ فيه، وأصيب الناس بالدهشة إثر اهتزاز الصورة المثالية التي يحتفظون بها في أذهانهم تجاه أمريكا الديمقراطية، ونظامها وقانونها الذي هو فوق كل معتقدات الشعب الأمريكي.
لم يكن ترامب يختلف عن سابقيه في ما يخص سياسة البيت الأبيض تجاه العالم، فكل رؤساء أمريكا ينفذون أجندة السياسة القذرة، وبالأخص تجاه الدول الضعيفة.
الفرق أن ترامب كان واضحاً في وقاحته، وكأنه يقول للعالم: هذا أنا كما أبدو أمامكم دون أي قناع.
حدث اقتحام لمبنى الكونجرس.. هذا المبنى الذي تشعر بالرهبة لمجرد سماع اسمه، لأنه واحد من مطابخ المكائد التابعة للبيت الأبيض، فسقطت هيبة الكونجرس، وكعادة الناس يتحولون إلى غوغاء حين يجدون انفلاتاً، وتستيقظ الهمجية بداخلهم حتى وإن كانوا يحملون شهادات عالية استيقظ الهمجي بداخل ترامب، رغم معرفته بقانون الانتخابات، وتحول إلى إنسان بدائي، وهو ليس سوى وجه من وجوه أمريكا البشعة، يعكس حقيقتها وتفكيرها البدائي في الاستيلاء على كل ما تريده، كسرقة النفط من البلدان المستضعفة، واستحلاب الخزائن العربية، وزرع الفتن والنزاعات التي تعود عليها بمردودات مالية ضخمة من تجارة السلاح. هذه هي حقيقة أمريكا، ولن ننخدع برقي الإنسان الأمريكي، فلولا القانون لتحول معظم الشعب إلى لصوص وقتلة، وهذا ما حدث في أمريكا بالأمس القريب، وفي غيرها من الدول، لأن الإنسان يبطش ويطغى حين يشعر بنزعة الاستقواء، ويوقن أنه لن يحاسبه أحد على ما اقترفه.
خدش ترامب وجه الديمقراطية، وأثبت للعالم أن كل ما نسمعه عن تقدم أمريكا مجرد زيف وأحاديث إعلامية موجَّهة.. ولن يكون أمام أمريكا سوى محاكمته وسجنه ضعف الفترة التي حكم فيها، كي تستعيد مصداقيتها وتجمِّل الصورة التي شوهها ترامب حين كشف سوءته وسوءة النظام الأمريكي بأكمله.
كلنا نتذكر رئيس رومانيا، الذي أمر بقتل المتظاهرين ضده، قبل 20 عاماً، وحين سقط قتلى فرَّ هو وزوجته، فقبض عليه الجيش، وتمت محاكمته خلال 20 دقيقة فقط، وقاموا بإعدامه رمياً بالرصاص هو وزوجته ثأراً للنظام والقانون، وتطهيراً للكرسي الذي لا يجب أن يجلس عليه من هو على شاكلته.. فهل تقوم أمريكا بالثأر لقانونها من ترامب، الذي هدم كل ما بناه 44 رئيساً قبله؟