بالأمس التقيت شخصا من قطر بالصدفة وتحدثنا قليلا ثم سألته عن المصالحة الخليجية فأخذ نفسا عميقا ثم أخرج زفرة تنم عن ألم وقال: «يا أخي فجروا في الخصومة معنا.. ما خلوا شي.. والآن يقولون إحنا إخوان وإحنا أهل..! لكن وش نسوي مضطرين نماشي الوضع..»، انتهى حديثه.
فتذكرت وأنا أتابع المشهد الأمريكي وقبله المشهد اليمني، ولاحظت أمثلة كثيرة مشابهة، تمعنت في مآلاتها، وأردت أن أشارككم هذه الأمثلة:
ـ النموذج الترامبي: الذي كان لا ينادي الرئيس الأمريكي الجديد باسمه بل يتمسخر به بكلمة (sleepy jo) جو النعسان، وكال له التهم والتخوين والسب أحيانا، ثم تعامل مع الانتخابات بحدة واستمر في وصف خصومه بالمزورين والسراق وأعداء الأمة الأمريكية، لم يترك للصلح موضعا.. وكانت النتيجة النكف الأمريكي الترامبي وتوارد قطعان المجرمين مسلحين بعد أن شحنهم بكمية كراهية وحقد وصلت بهم إلى اقتحام الكونجرس، وانتهى مشهد التسليم الرئاسي الديمقراطي في أمريكا بـ60 ألفا من الحرس الوطني يحرسون هذه المراسيم.. الذهاب بعيدا في العداء والخصومة لم ينته، بل ينذر بمستقبل مظلم لأمريكا ووحدتها، والسبب في ذلك الطريقة الترامبية في الخصومة.
ـ النموذج السلماني: ويعبر عنه النظام السعودي عند عدائه، فهو لا يبقي قبيحا يشحن القلوب والأعصاب إلا ووصف خصمه به، فمثلاً خلال 6 سنوات من الحرب في اليمن لم يقدم هدنة واحدة إلا يوم 9 أبريل 2020 لغرض إفشال وثيقة الحل الشامل التي قدمت يوم 8 أبريل، وكان طول وقت الحرب يفرط في استخدام القوة وبشكل جنوني، مرتكبا أبشع المجازر والجرائم، مطبقا حصارا على البلد ولا يرغب إلا في إزالة الخصم بعد أن وصفه بما لا يمكن التعايش معه لاحقا.. وكذلك فعل مع قطر، فقد دخل في الأعراض، وشتم وخوّن وسب وتمسخر وحاصر وجرح القلوب وكأن قطر ستزول من الخريطة.. وكذلك فعل مع إيران، فلكي يرضي أمريكا لم يترك منبرا سياسيا أو دينيا أو عسكريا إلا واستهدف به إيران طيلة 40 عاماً.
ـ النموذج الإخونجي: ويمثل هذا النموذج جماعة الإخوان المسلمين، الذين هم عبارة عن قطعان تقاتل في صف من يعدها بأن ينصبها حاكمة للبلد، سواء في سوريا أو في اليمن أو أية دولة أخرى.. وفي بلادنا سمعنا على ألسنة الإخوان (حزب الإصلاح) وفي إعلامهم مصطلحات سب وشتم لم تكن موجودة في قواميس السب والشتم دينيا وأخلاقيا وشوارعيا وسلاليا ومذهبيا وغنائيا.. شيء غير مسبوق في أخلاق اليمنيين.. بل لم يصدر عن هذا الحزب خلال فترة 6 سنوات من العدوان، أي مقترح للهدنة أو الحوار أو العفو نهائيا، بل استمرار في القتال إلى ما شاء الله طالما أمريكا والسعودية يريدون ذلك.
القاسم المشترك بين المشغل الرئيسي الأمريكي وبين عملائه على الأرض هو التالي: الشراهة للدم، التفنن في القتل، الإمعان في الأذية، الرغبة في الإزالة، عدم القبول بأي حلول إلا في حالة الاضطرار.. تحياتي للشرفاء.
* نقلا عن : لا ميديا