أبدعت الإنسانية الحرة نصاً أدبياً واحداً ضد أمريكا، شعراء من كل قارة وثقافة ودين ولون، كتبوا كشاعر واحد، تتعدد الثقافات والأوضاع المحلية والتجارب الحياتية والتركيبة النفسية والخلفية الثقافية لهؤلاء الشعراء، لكن وجدانهم كان موحداً، فالكتابة ضد أمريكا عودة للجوهر الإنساني الواحد.
لم يجتمع الأدب العالمي على محاكمة وإدانة دولة كما فعل مع الولايات المتحدة الأمريكية، وكما وجدت أممية مناضلة بالبندقة وجدت أممية مناضلة بالقلم ضد الإمبريالية الأمريكية.
من المدهش أن الإنتاج الأدبي العالمي الموجه ضد أمريكا يؤلف نصاً متجانساً، فهنا نوع متميز من التناص يتعلق بالجوهر والمضمون لشعراء لم يتلقوا ولم يطلعوا على نتاج بعضهم على الأرجح، لكن واحدية الإجرام الأمريكي عكست واحدية الموقف الأدبي الملتزم عالمياً.
أنتج شعراء العالم نصاً واحداً من حيث الجوهر والموقف الإنساني العام ضد أمريكا، وفي الوقت ذاته فكل شاعر عبر عن الخاص، عن ثقافته القومية وأوضاعه المحلية التي أنتج فيها نصه الإبداعي.
يتألف النص الإبداعي العالمي ضد أمريكا من مواضيع رئيسية هي رجعية حضارتها الرأسمالية، إبادة السكان الأصليين «الهنود أحمر»، العنصرية تجاه السود، تدخلاتها العسكرية، ضرورة النضال والمقاومة.
الحضارة الأمريكية المتوحشة
أمام الوجدان لا تجد الحضارة الأمريكية ورقة تغطي طبيعتها المتوحشة، فما قد ينطلي على العقل من مظاهر خداعة، وما قد يجتذب النفس من مظاهر حياة استهلاكية، لا يُمكن أن يخدع الروح السامية والوجدان المؤنسن، وباعتبار الإنتاج الأدبي كعملية ذهنية أقرب إلى الروح والوجدان من العقل والمنطق، فقد تشكلت صورة واحدة عن أمريكا العدوانية المتوحشة لم تحجبها الدعاية الهوليوودية!
مدن أفضل منها السجون!
أنا لا أحب الولايات المتحدة الأمريكية، لا أحب نيويورك، ولا أحب الكهرباء، لا أحب القذارة، ولا أحب الأبواب الأمريكية ذات الصدمات الكهربائية، وأنا في الغالب لا أحب الأمريكان، الأمريكان يصدمونني في الداخل، والإنجليز يصدمونني في الخارج، إنهم صاخبون جداً وأغبياء جداً، لا يعرفون شيئاً عن العالم الخارجي، وعندما وصل ريغان إلى السلطة شعرت مدى التفاهة التي نعيشها، وأعتقد أن هذا الرجل وأمثاله يشكلون تهديداً لنا، وأنا أحب أن أعيش في سجن في الاتحاد السوفياتي على أن أعيش في كاليفورنيا.
* الروائي والمسرحي الإنجليزي الكبير غرهام غرين.
المارينز الأمريكي رمزاً للموت
حينما أنظر إلى الشارع
ذات يوم مشمس في كاليفورنيا
أرى أن بيتي هو الذي يحترق
وأحبائي هم الذين يرقدون في المجاري
عندما يدخل الجيش الأمريكي.
* الشاعر الأمريكي لويس سمبسون.
ديمقراطية القواعد العسكرية!
محسودون نحن لأننا منذ سنوات وسنوات
ننعم بالديمقراطية والحرية
ولكننا نسحل سحلاً عندما نقترب من حدودها
ضحايا نحن مثل كل شعوب الأرض
فالصواريخ الأمريكية يجب أن تُنصب في القلوب
قبل أن تنصب الصواريخ على الأرض
لكنهم مازالوا يحافظون
على راية الحرية والديمقراطية
ويرفعونها فوق أعلى قمة من قمم الجبال الألمانية!
* الشاعر الألماني روبن فيبرزالغن.
زراعة CIA
لا أعتقد أن الأمريكيين يريدون الصعود إلى القمر ليزرعوه قمحاً، ولكنهم حتما سيزرعونه برجال وكالة المخابرات المركزية!
* الروائي النيجيري وولي سوينكا، حائز على جائزة نوبل في الأدب.
الموت للعمال!
اليوم الأخير
كان يوم الأحد
يوماً صيفياً أزرق
كان ملقى على عشب أخضر
وعلى جبينه أورقت ثلاث قرنفلات حمراء
على جبينه الشاحب
«السود البيض ليتحدوا ليتحدوا»
كان هذا الشعار لايزال مكتوبا على اللافتة
أما هو فقد مات
مات وحيداً
ولكنه لن يظل وحيدا أبداً..
* الشاعر الألماني فولف بيرمان يؤبن ساعي البريد الأمريكي وليام مور الذي احتج وحده عام 1963 فاغتيل بثلاث طلقات على جبينه.
كلنا هنود حمر!
وهو الآن يجلس أمام بيتي
يروي بحزن وأسى حكايته التي لا تنقطع
التي تفوح منها رائحة العواصف والدم والدموع
والخيول
وأشجار ميشيغان القديمة
وحين أستمع إلى هذا الهندي الأحمر
فإنني أستمع إلى الماضي
إلى صوت أبي
وأدرك أني وأنه
لسنا في الحقيقة
سوى ذلك الزنجي الأسود الثائر
وسوى ذلك الدخان الذي يجعل شجرة الحياة
أكثر إبهاماً وغموضاً
* الشاعر الهايتي الثائر رينيه دوبستر، يرى صورته في هندي أحمر مضطهد.
حضارة الخراب!
«نُبَشّرُكُمْ بِالْحَضَارة» قال الْغريبُ، وَقال: أنَا
سَيّدُ الْوقْتِ، جِئْتُ لِكَيْ أرثَ الأرْض منْكُمْ،
فَمُرّوا أمامي، لأحْصيَكُمْ جُثّةً جُثّةً فَوْقَ سطحِ الْبحَيْرَة
«أبشّركُمْ بالْحضارة» قال، لتحيا الأناجيلُ، قال، فَمُرُّوا
لِيَبْقى ليَ الرّبُّ وَحْدي، فإنّ هُنودًا يَموتونَ خَيْرٌ
لسَيّدنا في الْعُلى منْ هُنودٍ يعيشونَ، والرّبّ أَبْيَض
وَأَبْيَضُ هذا النّهارُ: لَكُمْ عالمٌ ولنا عالَمٌ
يقول الغَريبُ كَلامًا غريبًا، ويحفر في الأرض بِئْراً
ليدفن فيها السّماءَ
* محمود درويش- فلسطين.
ضد العنصرية الأمريكية
المشكلة بالنسبة لي أن أمريكا قد وقعت في الإخفاق نفسه الذي وقعت فيه بريطانيا في جنوب أفريقيا، فالرجل الأبيض لا يقر بما فعله أبدا، هو مستمر في فعله تجاه الرجل الأسود، لذلك فإن مهمة الرجل الأسود ليست تحرير نفسه فقط، وأما تحرير الرجل الأبيض من خوفه وذنوبه تصوراته الخادعة عن نفسه، نحن لا نستطيع أن نكون أحراراً ما لم يكونوا أحراراً».
* الروائي والمسرحي والشاعر الأمريكي من أصول إفريقية جيمس بالدوين.
إنتاج العبودية في أمريكا
رأيت عبداً يعطي حريته للسيد الذي يموت
ورأيت سيداً يعطي عبوديته للطفل الذي يولد
ورأيت فوق هذا وذاك
شرائع وقوانين لا تعد.
إخوتنا كانوا يموتون كما تموت الطحالب
وأطفال أسيادنا الذين لم يولدوا بعد
كانوا يفكرون في مجازر أخرى!
* الشاعر الأمريكي باني أولباك.
سخرية من أمريكا
أمريكا تقف إلى جانبنا
مرحى
وستأخذ الحلوى من يد الطفل الأبيض وتقدمها للطفل الأسود
ستنزع الملابس الجميلة عن الأجساد البيضاء
وتكسو بها الهنود الأبنوسية المثيرة
وستقدم لنا القنابل الكيماوية
لنرد بها على الغاز الأبيض المسيل للدموع
فيفا أمريكا
مرحى أمريكا
العنصرية تقف في وجه العنصرية
من يقتل الرجل الأسود في حقل القطن
يقف إلى جانبه في منجم الذهب
من ينتزع الهندي الأحمر من بيته
سيبتني بيتا للهندي الملون في قلب جوهانسبرغ
فيفا أمريكا
مرحى أمريكا
*صورة شعرية ساخرة للشاعر خومالو من جنوب أفريقيا.
ضد التدخلات العسكرية الأمريكية
كانت ومازالت التدخلات العسكرية الأمريكية أبرز ممارستها للسياسة الخارجية التي تدينها الإنسانية جمعاء وأنصار السلام وأحرار العالم، وفي مقدمة عشاق الإنسانية والحياة الحرة تأتي شريحة المشتغلين في حقول الفنون والآداب، وللأدب العالمي موقف مشهود مضاد للتدخلات الأمريكية، وتدخلها في فيتنام هو نموذج لهذه السياسة العدوانية.
تمرد على الخدمة الحربية!
أنا لن أسكت عن تسليم جسدي إلى الوزراء والجنرالات
ولن أسكت عن هذه التقارير الزائفة
التي ترفع إليَّ
مليئة بالأطفال القتلى والأخبار المجنونة.
إنني أدرك ما يدور خلف هذا السراب المقنع
وأعرف أن قوتك التي تزمجر في فوهة المدفع
تحتضر في حلقات الدخان
فلا تعرفيني بمصلحتي
فأنا من يقرر بتفكيره البائس
رحيل الميل الأخير في هذا الطريق الموحش
أما أنتِ
فاذهبي لتضربي بالقنابل زورق صيد!
* رسالة من الشاعر الأمريكي روبرت بترسون إلى أمريكا حول حرب فيتنام.
طعم الرماد من هيروشيما!
على الجدار لعبتاي اليابانيتان المصنوعتان من خشب الكرز القاسي
ساعي البريد حملهما إليَّ وعلى الطرد كانت طوابع ممهورة من هيروشيما
المدينة التي لاسمها طعم الرماد
عيونها عيون يابانية تغللها فكرة خفية
وعلى رأسيها الملتوين أبداً خشب الكرز المزين بالأزهار النافرة
لكن هذا الخشب الذي صنعت منه اللعب في المدينة التي لاسمها طعم الرماد هو خشب مات مع الفجر
مع المدينة في يوم التحول الكبير إلى رماد
على الجدار لعبتاي اليابانيتان
لعبتان منحوتتان من خشب الكرز الميت.
* الشاعر السوفياتي فلاديمير بكمان، إستونيا.
يا ثوار العالم اتحدواً ضد الإمبريالية
لم يجمع التعبير الشعري الوجداني العالمي فقط على رجعية الولايات المتحدة، ولم يكتف شعراء العالم بالحزن، من أُغنية «هندي أحمر»، حتى في زمن الصاعق النووي، تمسك الشعراء بحق الدفاع، ودعوا إلى مقاومة الإمبريالية ورفع القبضة في وجهها.
أُغنية الهندي الأحمر
اسمعي صوتي يا طيور الحرب
سأعد لك وليمة لتناولها
أراك تعبرين خطوط الأعداء
وأنا مثلك كنت سأعبرها
لو كانت لي خفة أجنحتك
وانتقام مخالبك
لو كان لي ذلك
كنت سأجمع أصدقائي
وأطير خلفك
وأصيح
أيها المحاربون الشباب
احملوا غضبكم وانزلوا إلى ميدان المعركة
من الجنوب تجيء طيور الحرب
أصيخوا إلى صراخها الذي يعبر آفاقكم
لو كان لي جسد قوي، خفيف، شديد، متين
كنت سألقي بجسدي في أتون المعركة
وكنت سأشعر بالسعادة وأنا أسقط هناك
حيث تدور رحى المعركة
خلف خطوط الأعداء
هنا على صدري جرت الدماء
انظروا.
وهذه آثار المعركة
إن هذه الجبال تزلزلها صرختي
لأنني أقاتل من أجل الحياة.
* من أغاني الهنود الحمر.
بحار أمريكي
حسنا
في مطعم الميناء
بحار أمريكي
جرؤ أن يرفع يده في وجهي
ولكنه صرع
سعى إلى حتفه
ذلك البحار الأمريكي
الذي جرؤ أن يرفع يده في وجهي
في مطعم الميناء.
* الشاعر الكوبي الكبير نيكولاس غيين.
ليكن موتنا نبيلاً
إذا لم يكن هناك مفر من الموت
فينبغي ألا نموت كالخنازير
التي تصاد كي تحبس في الحظائر القذرة
بينما الكلاب المسعورة الجائعة
ترسل نباحها حولنا
تسخر من هذه الجموع اللعينة
إذا لم يكن هناك مفر من الموت
فليكن موتنا نبيلاً
* الشاعر الأمريكي من أصول إفريقية كلود ماكاي.
اقتلوا الرئيس الأمريكي!
إنني أدعو جميع الرجال
كي يسحقوا هذا الرئيس
الذي أمر طيرانه وبحريته
بقتل شعوب كاملة
شعوب محبة
شعوب وديعة
شعوب لا يعرف نيكسون
هذا الجاهل الغبي
شيئاً عن أسمائها
ويقتلها دون اكتراث!
* الشاعر التشيلي الكبير بابلو نيردوا، حائز على جائزة نوبل في الأدب.
قلب الأم يحارب
فوق الملجأ الأرضي الذي كنت فيه
كان اليانكي الهمجيون ينقضون على الأم
ولكنهم لم يستطيعوا انتزاع كلمة واحدة منها
كانت ترد على شتائمهم وصرخاتهم بالصمت العظيم
ترى هل كانت لهم عيون ليروا
الجراح الكثيرة التي تغطي جسدها؟!
وحين تركوها وهي بين الحياة والموت
وهل شاهدوا خصلات الشعر البيضاء الجديدة
التي أضيفت إلى شعرها الأبيض
وبرغم ما حدث
فقد كنا مانزال نسمع صوت معول الأم
الأم التي لا تعرف التعب
وهو يضرب في أعماق الأرض
التي تخرج منها جيوش الثوار
ونرى الحرب والموت
يحاصران العدو
العدو الذي أصابه الرعب الشديد
كم هي واسعة جداً بلادنا
وكم هو كبير قلب الأم
*الشاعر الفيتنامي ديونغ هيونغ لي.
نرفض الهيمنة الأمريكية
نرفض أن نبقى مع أمريكا موالي
والأوامر بوش يصدرها طرية
والسفير اللي يقرر ما اصطفى لي
ولا قد إسرائيل في شعبي ولية
حن قلبي للجرامل والأوالي
والله ان العيش ذا يحرم عليه
والله ان الحرب ما منها مجالي
والكرامة في زناد البندقية
ما جرى لي في ذه الدنيا جرى لي
كلنا القرآن صيحي يا برية
وابن بدر الدين في الأعماق غالي
كلنا نفداه واحنا له فدية
من جهلنا شافنا عند القتالي
مثلنا ما عاش مجهول الهوية
في سبيل الله كل المر حالي
مرحبا بالموت حيا بالمنية
من بغانا فاسألوا عنا الجبالي
فوق روس الشاهقات الحميرية
ما نبالي ما نبالي ما نبالي
واجعلوها حرب كبرى عالمية
* الشاعر الشعبي اليمني عبدالمحسن النمري، اليمن..استشهد عام 2007 في حرب شنتها السلطة اليمنية العميلة آنذاك برعاية أمريكية ضد أصحاب التوجه الثقافي السياسي المعادي لأمريكا وإسرائيل في اليمن.
* نقلا عن : لا ميديا