كلما ازداد الصخب الإعلامي المصاحب لسياسات الادارة الأمريكية الجديدة بشأن الحرب على بلادنا كلما راودنا شعورٌ بأنه لا جديد في جعبة “جو بايدن” سوى ابتكار وسائل وآلياتٍ جديدة لابتزاز أعراب الخليج.
منذ اليوم الأول لحملته الانتخابية قرر الرئيس الأمريكي الجديد افتعال ضجةٍ غير عادية بشأن سلوكه طرقاً جديدةً في التعامل مع النظام السعودي لكن على الأرض لا جديد سوى بعض الدخان الذي لم نرى له ناراً.
الأمر لا علاقة له بالتشاؤم المفرط ولا بموقفنا المبدئي الثابت من الإدارات الأمريكية المتعاقبة.. بل الأمر منوطاً بالتحركات الجدية الأمريكية على الأرضية السعودية لا سيما فيما يتعلق بالحرب على بلادنا.
لم نرى حتى اليوم سوى تصريحاتٍ جوفاء عن ايقاف التعاون الاستخباراتي والدعم اللوجستي للحرب السعودية على بلادنا والذي يجعلنا نضعها في خانةٍ واحدةٍ مع القرار الترامبي السابق بإيقاف عمليات الامداد الأمريكي للمقاتلات السعودية بالوقود في الجو والذي لم يكن أكثر من حبرٍ رخيصٍ على ورقة اللا إنسانية الأمريكية.
تقول صحيفة الـ”واشنطن بوست” إن المسار الأمريكي فيما يتعلق بالحرب التي تقودها السعودية في بلادنا قد تغير لكنها أكدت في تقرير مطول لها بهذا الخصوص أن هذا التغير هو الجزء الأيسر من مهمة إيقاف الحرب في اليمن وأن المهمة الأصعب قد بدأت الآن.
لعل هذا التوصيف لأعرق الصحف الأمريكية هو الأكثر دقةٍ في ظل الزخم غير المعتاد الذي صاحب تصريحات الإدارة الأمريكية الجديدة بشأن موقفها من الحرب على بلادنا والذي تحاول عبره “إدارة بايدن” تلميع صورة واشنطن المتسخة والملطخة بدماء الأبرياء اليمنيين.
ما أظهرته الإدارة الأمريكية الجديدة لم يتجاوز حتى اليوم حمى التصريحات الجوفاء فيما تستمر هذه الحرب الملعونة على الأرض على قدمٍ وساق ويزداد التوحش السعودي بغطاءٍ أمريكيٍ قذر تحت يافطة ما اعلن عنه وزير الخارجية الأمريكي الجديد بعنوان “الالتزام بمساعدة المملكة على حماية نفسها من الاعتداءات الحوثية”.
يقول بيتر سالزبري المتخصص بشؤون اليمن في مجموعة الأزمات الدولية في تغريدة على تويتر: “وقف الدعم لا يعني بالضرورة وقف الحرب” و”يجب بناء توازن قوي بهدف وقف الحرب وهو أمرٌ ليس سهلا”.
يضيف “سالزبري” أن إعلان يوم الخميس تحركا سياسيا رمزيا ولا يعني أكثر من تحول عن سياسة ترامب بالنسبة للإدارة الأمريكية الجديدة لكنه لا يعني على الإطلاق التوجه لايقاف هذه الحرب بصورة شاملة.
تذهب الـ”واشنطن بوست” إلى أن الحرب في اليمن تشتمل على تشكيلة من التعقيدات التي تعلمها واشنطن وهي جزءٌ رئيسي منها وبالتالي فإن الحديث عن وضع حدٍّ للدعم الأمريكي للسعوديين في هذه الحرب ليس كافياً لإيقافها وإنما يجب أن تتخذ واشنطن قراراً صادقاً بهذا الاتجاه.
وفقاً لـ”جريجوي جونسون” المحقق السابق في الأمم المتحدة فإن جمعَ أطراف الصراع للتفاوض على تسوية تنهي الحرب في بلادنا سيكون تحدٍ حقيقي للإدارة الأمريكية الجديدة إن كانت صادقةٌ في توجهاتها لإيقاف هذه الحرب من الأساس.
يضيف “جونسون” أن التحدي الحقيقي أمام اليمنيين هو تقبل جميع الأطراف للتدخل الأمريكي والتعامل مع واشنطن كطرف محايد يمكن التعويل عليه لأن القنابل المصنعة في أمريكا والتي أطلقها السعوديون والإماراتيون قتلت الآلاف من اليمنيين ودمرت البنى التحتية والحيوية في البلاد.
بدوره يرى السفير الأمريكي الأسبق في اليمن “جيرالد فاير ستاين” أن “القرار الأمريكي بتعويق القدرات السعودية في اليمن لن يكون له أثرٌ كبيرٌ إلا إذا كان لدى الإدارة الأميركية الجديدة نوايا حقيقية بشأن إيقاف الحرب السعودية في بلادنا.
تنقل الـ”واشنطن بوست” عن محللين كبار تحذيرهم من تكرار خطط السلام السابقة التي لم تستجب لمطالب إنهاء الحرب بصورة كاملة والتي اقتصرت على جمع أطراف الصراع في اليمن على طاولة واحدة بلا اجندة حقيقية لإنهاء هذه الحرب.
هذه هي الصورة الحقيقة لتحركات الإدارة الأمريكية الجديدة بشأن الحرب في بلادنا حتى هذه اللحظة وإن استمرت عجلة الدعاية الإعلامية لها في الدورات دون فرملة تروس الحرب فإن الأمر لن يكون أكثر من صورةٍ جديدة من صور ابتزاز الأمريكان لأعراب الخليج فيما ستسمر عجلة العدوان في الدوران.!