في كل ذكرى سنوية لرحيل الشاعر عبدالله البردوني يخرج المثقفون والصحفيون بمنشوراتهم السنوية المكررة للمطالبة بفك الحصار عن كتب البردوني التي يزعمون أنها مخفية قسراً من قبل النظام السابق، مع أن كتبه في الحقيقة بيد الورثة لا بيد غيرهم، وهذا الأمر أنا مطلع عليه، وأعرف ملابساته جيداً.
قبل أيام تمت طباعة كتابين للبردوني، أحدهما «تبرُّج الخفايا، ولفيف من التذكُّرات»، وهو عبارة عن مقالات كان ينشرها حلقات أسبوعية في صحيفة «26 سبتمبر»، كسيرة ذاتية.. أما الكتاب الآخر فكان عنوانه «الطوَّاف»، وهو مجموعة نصوص شعرية بعضها نشر من قبل في ملحق «الثورة الثقافي»، و5 قصائد منه لم تنشر من قبل.
توقعت أن يفرح المثقفون بهذين الإصدارين اللذين جمع مادتهما وأعدَّهما محمد القعود، وقد كان لي شرف مراجعتهما وترتيبهما وتصحيح الأخطاء الطباعية.. لكن ما حدث هو العكس، فقد ثار بعض المثقفين، وشكك أن هناك جهات حزبية ودينية وراء طباعة الكتابين، ومنهم من تساءل عن موافقة الورثة، وآخر قال إن هذا العمل مرفوض دون تشكيل لجنة من 5 أشخاص، ويكون هو رئيس هذه اللجنة، لفحص العمل والتأكد من نسبته للبردوني، مع أن أصول العمل الورقية كلها محفوظة، سواء المقالات المأخوذة من صحيفة سبتمبر، أو النصوص التي هي بخط محمد الشاطبي، الذي كان يكتب للبردوني.
ومنهم من اعترض على كلمة «مختارات»، مع أن هذه الكلمة لا تعني أن النصوص كانت متوفرة كلها، وتم اختيار هذه النصوص منها. فمن يجرؤ على اختيار نصوص للبردوني والمفاضلة بينها؟!
«مختارات»، كي لا يظن القارئ أن هذا الكتاب هو الكتاب المخفي للبردوني، ولكي يعلم الجميع أن هناك نصوصاً مازالت مخفية، وهذا الذي تمت طباعته هو ما كان متاحاً منها فقط. ويمكننا اعتبار «الطوَّاف» الشرارة الأولى لاستخراج بقية النصوص وإعادة طباعتها تحت عنوان «ابن من شاب قرناها».
أما ما يشاع منذ سنوات بأن للبردوني رواية بعنوان «أم ميمون»، وكتاباً آخر بعنوان «العشق في مرافئ القمر»، فهذا غير صحيح على الإطلاق.
* نقلا عن : لا ميديا