ليست المسألةُ سيطرةً على قرية أَو مدينة أَو تَبَّةٍ ومعسكر أَو جبل، بقدر ما هو تحريرٌ شاملٌ لمناطقنا وقرانا من دَنَسِ الغزاة والمحتلّين.
هؤلاءِ السعوديون والإماراتيون وخليطٌ من المرتزِقة جاءوا قبلَ سنواتٍ إلى مأرب على ظهر الدبابات والمدرعات، وهم مسنودون بغطاءٍ جوي كثيف، وجحافل من المرتزِقة، وهناك بُنِيَت المعسكرات وتم إعدادُها بشكل رهيب، ونُصبت بطاريات الباتريوت، وسُخرت وسائل إعلامهم للترويج لعملية “احتلال صنعاء”، وكل مديرياتها، وحينَها كان الخطابُ التعبوي والإعلامي والشعبي لأُولئك القوم يتركز على ضرورةِ اجتثاث “الحوثيين”، والتنكيل بهم، وإبادتهم، وقد صدقوا في أفعالهم عندما سيطروا على بعض القرى في نهم، ورأينا كيف عذّبوا أهاليها، ودمّـروا مزارعَها، وعاثوا في الأرض الفسادَ، ولولا رحمةُ الله وعنايتُه، لَكانت صنعاءُ مدينةً للسحل والتنكيل لو دخلها الغزاةُ وَمرتزِقتهم.
هم يتحدثون الآن عن احتلال بعض المحافظات اليمنية.. أليسوا يقولون بأن المهرة محتلّة، وبأن جزيرة سقطرى محتلّة؟ فلماذا يساعدون هؤلاء المحتلّين على البقاء في مأرب؟ ولماذا يقاتلون في صفوفهم؟!.. أليس هذا شيئاً عجيباً!.
الآن، ونحن في وضعية المطبق على مأرب، تكثر دعواتنا للعفو والسلام، وهي ليست اعتباطية على الإطلاق، وإنما هي نابعةٌ من مشاعر صادقة، وحرصٍ على سلامة الأرواح والأنفس، فمسيرتُنا ليست انتقاميةً، ونحن لسنا انتقاميين، فالواجبُ علينا كيمنيين أن نكونَ كالبُنيان المرصوص في طرد المحتلّين، والتصدي للعدوان، والتكاتف لرفع الحصار.
إنَّ العدوانَ الذي تقودُه أمريكا وبريطانيا والسعودية وشُذَّاذُ الآفاق يقتلُنا ليلاً ونهاراً بطائراته، وصواريخه، ويطبق علينا الحصارَ الخانق، وبالتوازي مع ذلك ينهبُ ثرواتِ مأرب النفطية والغازية ويبيعها ويرفدُ خزينتَه المالية، ونحن عبادَ الله في صنعاء وغيرها نتضورُ جوعاً، ونكابد عناءَ الحصار والمعيشة دون أن يرأفوا بنا أَو يرحمونا طيلةَ السنوات الست الماضية.
لقد آن الأوانُ لتحرير مأرب، وسكانُها أكثرُ توقاً للحرية من غيرهم، فمأربُ الحضارة التي حوّلها الغزاةُ والمرتزِقةُ لسجونِ تعذيب وترهيب، ستنفُضُ غُبارَ الذُّلِّ والهوان، وستعودُ شامخةً إلى حضن الوطن، فمن أراد أن يعيشَ هذه اللحظة، فقرارُ العفو متاحٌ أمامه، وهي فرصةٌ لن تتكرّرَ لكل ذي لُبٍّ، ومن عاند واستمر في غيه، فَـإنَّ اللهَ حسبُه ولن يجدَ له ولياً ولا نصيراً.