كانت النافذة الموحدة في يوم القدس العالمي (آخر جمعة من رمضان) إعلاناً لبداية مرحلة عملية جديدة من وحدة قوى الثورة في المنطقة العربية الإسلامية، وحدة حركة التحرر الوطني المتجاوزة للحدود الدينية، إذ حضر فيها أنصار السيد المسيح، والعربية المتجاوزة لضيق الأفق العرقي العربي، إذ يُشيد قادة ما كانت تعرف بحركة القوميين العرب بإيران الثورة اليوم المتجاوزة لضيق الأفق العرقي الفارسي، وهي القمة الإسلامية المتجاوزة للمذهبية السنية الشيعية، قمة وحدت الثوريين من كل الانتماءات في مواجهة الإمبريالية الأمريكية والصهيونية "الإسرائيلية" في مواجهة الوجود الطارئ العدواني الغريب عن المنطقة.
وفيما اجتماعات ما تسمى القمة العربية زائفة روتينية تطفح بالنفاق لا يقيم الصهيوني لها وزناً، كانت النافذة الموحدة في يوم القدس العالمي هي قمة الأحرار الصادقين في انتمائهم لقضية تحرير الإنسان والأرض والمقدسات ورفض الهيمنة الاستعمارية الصهيونية، وهي قمة أثارت مخاوف قادة الاحتلال وقطيع التطبيع، وانعكس ذلك في الأداء الإعلامي الصهيوني والعربي المتصهين ونشاط الذباب الإلكتروني التابع للمخابرات الأمريكية و"الإسرائيلية" والسعودية والإماراتية.
أعطت مناسبة يوم القدس العالمي والكلمات التي قيلت فيها نافذة أمل للفلسطينيين، وشعوراً بأن هناك من أحرار أمتهم من يقفون إلى جانبهم من مختلف المنطلقات الإسلامية والقومية والاشتراكية، فكانت المناسبة بمثابة إيقاد شعلة الانتفاضة الجديدة وصمود الشعب الفلسطيني ومقاومته في أراضي الداخل المحتل وفي غزة والضفة الغربية، بل والفلسطينيين في مختلف دول العالم وحولهم أحرار العالم في مسيرات وتظاهرات مليونية.
خاض محور المقاومة ككل، وفي طليعته المقاومة الفلسطينية، نموذجاً مصغراً لحرب تحررية كانت محدودة الوقت عظيمة التأثير الاستراتيجي، أثبتت المعادلات الجديدة وأظهرت موازين القوى الجديدة في المنطقة، وكانت مجرد رسالة بسيطة من محور المقاومة بأن هذه مجرد معركة تُخاض من غزة قادرة على تنكيس أعلام الاحتلال وإدخال المستوطنين إلى الملاجئ وضرب اقتصادهم وإخضاعهم ليطلبوا الوساطات الدولية والإقليمية، وهي رسالة بأن القدرات العسكرية للكيان الصهيوني والولايات المتحدة وحلفائها في المنطقة عاجزة عن أي مواجهة مع شعوب المنطقة وأحرارها. وجاءت تصريحات قيادة الحرس الثوري الإيراني وفيلق القدس لتثبت هذه الحقيقة وتضيف إليها أن الحرس الثوري في قلب المعركة بطريقة مباشرة، حين أعلن المسؤولية عن الانفجارات التي استهدفت المنشآت العسكرية والاقتصادية في الكيان الصهيوني قبل الانتفاضة، وهي رسالة مفادها أن احتفاظ محور المقاومة بحق الرد على الاعتداءات الصهيونية في إيران وسورية، ليس إعلانا للتهرب من المسؤولية، بل هو رد ناجز مقدر وقت التنفيذ ليدرك العدو أن كل اعتداء هناك رد عليه.
من الرد على الاعتداءات على سورية والتخريب في إيران، وسل غزة "سيف القدس" للدفاع على المقدسيين، وتحرك الجماهير في اللد المحتلة وإخراجها من السيطرة الأمنية الصهيونية، إلى فرض المقاومة الفلسطينية حظر التجول داخل "تل أبيب"، وشل قدرات القبة الحديدة، وعجز العدو عن الدخول بريا والتراجع عن قرار كهذا والتبرؤ منه، واستهداف جنود الاحتلال مباشرة، ودخول الطيران المسير والصواريخ الموجهة، كلها معادلات جديدة وتحولات استراتيجية كشفت عنها المعركة الأخيرة لمحور المقاومة، ليخضع الكيان الصهيوني ويطلب الوساطات ويعلن المجرم نتنياهو أن سقفه الجديد هو الحد من القدرات الصاروخية للمقاومة، بعد أن كان يعلن سابقاً أنه سيقضي على القدرات الصاروخية وسيدفن الأنفاق، فيما يكتفي اليوم بالخروج من الملاجئ ويعد ذلك مكسباً!
* نقلا عن : لا ميديا