كغيري من أبناء اليمن، تابعتُ باهتمامٍ المحاضراتِ الرمضانيةَ للسيد.. يحفظُه الله، طوالَ شهر رمضان المبارك.
وكان زخمُ الهدى فيها كَبيراً وشاملاً للجوانبِ السلوكية والفكرية والعملية، وحشدُ النصوص القرآنية في مضامينها يفرِضُ حُجيتَها على المنتمين للمسيرة القرآنية.. وعلى غيرهم من المسلمين في اليمن وخارجها.
وقدمها القائدُ من موقع المسؤولية وربطها بالواقع العملي من منطلقِ الثقة بالقرآن ككتابِ هدايةٍ ونورٍ يتضمنُ الحلولَ الكافية لليمنيين ولكل المسلمين في ما يعانونه في عصرنا الحاضر ويواجهونه من تحديات وأخطار.
وكسمةٍ بارزةٍ للمشروع القرْآني.. منذ بدايته، ارتبط الوعظُ والتذكيرُ بالقرآن الكريم بواقع حياة الناس ومعيشتهم ومجالات أعمالهم، صانعاً للتغيير الحقيقي في النفوس الذي يبنى عليه التغييرُ في واقع الحياة، مصداقاً لقول الله تعالى:
إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأنفسهِمْ..
وما نَوَدُّ التنبيهُ عليه أن يكون تعامُلُنا مع هدى الله صحيحاً، وأن نحرصَ على الاستيعاب والتفهم لما ذكرنا به، وأن نستحضرَه دائماً في الذهنية والشعور والوجدان أثناء أدائِنا لمسؤولياتنا العملية، بحيث يكون حاضراً ومطبَّقاً في واقعنا العملي.
كي لا نتحَرّكَ في واقع الحياة بعيدًا عن الهدى، ونفقدَ التأييدَ والدعمَ والمساندة الإلهية، والبركات والوعود العظيمة التي تتحقّق للسائرين في هذه الحياة وفق هداه، وعلى صراطه المستقيم.
ولن تتحقّقَ الاستفادةُ الكاملةُ من هذا الهدى وهذه الدروس العظيمة إلا إذَا تحقّق لدينا التعامُلُ الصحيح مع بيِّناتِ الله وهداه،
كأُولئك الذين قال الله عنهم:
وَإِذَا مَا أُنزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُم مَّن يَقُولُ أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَٰذِهِ إِيمَانًا..
فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ..
أما الصنفُ الآخر من العرب الذين تعاملوا مع القرآن انطلاقاً من قلوبهم المريضة، فلم يزدادوا منه إلا رجساً، حَيثُ يقول الله:
وَأَمَّا ٱلَّذِينَ فِى قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَتْهُمْ رِجْسًا إِلَىٰ رِجْسِهِمْ وَمَاتُواْ وَهُمْ كَٰفِرُونَ.
أما من أعرضوا وسخروا واستهزأوا، فقد قال اللهُ في أسلافهم:
وَإِذَا مَاا أُنزِلَتْ سُورَةٌ نَّظَرَ بَعْضُهُمْ إِلَىٰ بَعْضٍ هَلْ يَرَىٰكُم مِّنْ أَحَدٍۢ ثُمَّ ٱنصَرَفُواْ ۚ صَرَفَ ٱللَّهُ قُلُوبَهُم بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَّا يَفْقَهُونَ.
وعلينا جميعاً كمؤمنين أن نحذرَ من أن نكونَ من هذه الفئات.
وأن نستفيدَ من زخم الدروسِ التربويةِ والثقافية في تصحيحِ أخطائنا العملية والسلوكية.
وأن نقيِّمَ أنفسَنا بصدقٍ وإخلاصٍ مع الله.
وأن نحاسبَها في الوقت الذي ينفعُ فيه الحسابُ وتتاحُ فيه التوبةُ ويصلحُ فيه العمل.
نسألُ اللهَ أن يوفقَنا وإياكم.
رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإسرافنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ.