بكُلِّ شَـــوْقٍ ولهفةٍ، استقبل أبناءُ الشعب اليمني أحفادُ الأنصار شهرَ ربيع الأول، ومنذُ الأيّامِ الأولى لشهر ربيع أول استعد اليمنيون للاحتفال بهذا اليوم العظيمِ المباركِ؛ ابتهاجاً بذكرى مولد الرسول الأكرم -صَلَّى اللهُ عَـلَيْـهِ وَعَـلَى آلِـــهِ وَسَلَّـمَ-، ليجسِّدوا دورَ أجدادهم الأنصار في حب رسول الله محمد، والارتباط به، فبادر كُـلُّ مواطن لإبداءِ مظاهر الفرحة والبهجة بطريقته الخاص، فتحوَّلَ الاحتفالُ بهذا اليوم إلى حالةٍ شعبيّةٍ يمانية تُعَبِّرُ عن قوله -صَلَّى اللهُ عَـلَيْـهِ وَعَـلَى آلِـــهِ وَسَلَّـمَ-: “الإيمَانُ يمانٍ والحكمةُ يمانيةٌ”، وطوال 11 يوماً أقام اليمانيون بمختلف انتماءاتهم العديدَ من الفعاليات تخللتها الفقراتُ الثقافيةُ والإنشاديةُ والخِطابية والمسرحية، ومن حجمها لم يستطع الإعلامُ تغطيتَها كاملةً.
حتى جاء يومُ الثاني عشر من ربيع أول، فحضر الناسُ من كُـلِّ حدب وصوب، وكأنَّك في ساحة المحشر، فافترشوا الأرضَ وتلحفوا السماء، وجلسوا تحتَ حرارة الشمس وحركة الرياح وغُبارها، وذكروا نبيَّهم محمداً -صَلَّى اللهُ عَـلَيْـهِ وَعَـلَى آلِـــهِ وَسَلَّـمَ- بالصلوات والأذكار والأناشيد والأهازيج، واستمعوا إلى قائدِهم السيد عبدالملك الحوثي ليزكِّيَهم، فكانت الشمسُ برداً وسلاماً على الحشود المحمدية، وكانت الرياحُ نسيماً عليلاً عليهم، وكأنَّهم في روضةٍ من رياضِ الجَنَّة.
ولعلَّ المتأمِّلَ في الحاضرين، ولهجاتهم، وملابسِهم سيدركُ أن الشعبَ اليمنيَّ بأجمعِه توحَّد، وأن الوَحدةَ اليمنيةَ تجلَّت في أبهى معانيها بالالتفاف حولَ المشروع القرآني الجامع، والذي تجسَّدَ في احتفالات الشعب اليمني بالمولد النبوي الشريف، لنعلم أن هذه الذكرى المباركة أصبحت مناسبةً جامعةً في رَأْبِ الصَّدْعِ وجَمْعِ الشتات وتعزيز الإخاء والوَحدة الإسلامية على مستوى شعبنا اليمني وعلى مستوى أُمتنا العربية والإسلامية، فما يجمعُنا هو أكثرُ وأكبرُ وأعظمُ مما يفرِّقُنا، ويمكنُ الاعتمادُ عليه لحَلِّ مشاكلِنا ونزاعاتنا.
وإنَّ أكبرَ عامِلٍ للفُرقة والشتات والنزاع هو الأنانيةُ والاستبدادُ والإقصاءُ، وإن للأُمَّـة من الأُسُسِ الثابتة والقواسم المشتركة ما يستطيعُ تذويبَ حالةِ العِداء والتفرُّق بين أبنائها، وقد أوضح السيدُ القائدُ عبدالملك الحوثي جُملةً مما يجمعُ الأُمَّــةَ الإسلامية وهي كالتالي:
1) الأُمَّــةُ يجمعُها انتماؤها للإسلام.
2) الأُمَّــةُ يجمعُها محمدٌ رسولُ الله -صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِـهِ-.
3) الأُمَّــةُ يجمعُها القرآنُ كتابُ الله ووحيُه المُنزَّلُ وكلمتُه التي تمَّت صِدقاً وعدلاً.
4) الأُمَّــةُ تجمعُها “القِبْلَة الواحدة”.
وفي ذِكرى ميلادِ رسولِ الله -صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِـهِ- يستذكرُ الشعبُ اليمني المسلمُ المُحِبُّ لرسول الله هذه القواسِمَ والأُسُسَ الجَامِعَةً، ليجعَلَ منها مناسبةً للمحبَّة والإخاءِ ونبذِ الكراهية والبغضاء بين أبنائه خَاصَّةً وبينَ المسلمين عامةً.