قبل أربعة أيام تحدث جورج قرداحي، وزير الإعلام اللبناني، عن العدوان على اليمن، ووصفه بأنه حرب عبثية، فقامت قيامة دول الخليج، وتبرأت حكومة بلاده من تصريحاته، وظهر نجيب ميقاتي، رئيس وزراء لبنان، في مؤتمر صحفي بعد أن تواصل مع الرئيس ميشال عون، وتبرأوا من تصريح قرداحي، وقال إنه يمثل نفسه ولا يمثل رأي الحكومة. لأن الحكومة حريصة على علاقات جيدة مع الدول العربية وتنأى بنفسها عن الصراعات في المنطقة، وأنهم لا ينأون بأنفسهم عن أي موقف متضامن مع السعودية ودول الخليج. كما تبرأت وزارة الخارجية من تصريحات قرداحي بشأن عدوان السعودية والإمارات على اليمن، وأنها لا تعكس موقف الحكومة. رغم أني كنت أظن أن حكومة لبنان تقف في صف اليمن!
بعض دول الخليج استدعت سفراء لبنان لديها لإبلاغ حكومتهم بالغضب الخليجي، وهناك من يدعو إلى مقاطعة لبنان اقتصادياً إن لم يعتذر قرداحي، مع أنه لم يقل سوى 10 ٪ من الحقيقة. لكن يبدو أن دول الخليج نسيت أنها مستمرة في عدوانها على اليمن وربما أزعجتها كلمة «عبثية»، لأنها ترى أنها حرب مجدية ونافعة، رغم مرور سبع سنوات على عدوانهم الذي أنهكهم ومرغ أنوفهم في الوحل.
هي حملة تقف وراءها السعودية والإمارات قبل تسلُّم قرداحي حقيبة وزارة الإعلام، ويحاولون الضغط على حكومة لبنان لإزاحته، لأنهم يخافون أن يتحول هذا الإعلام لكشف جرائمهم التي لا تحتاج إلى وسيلة إعلام لنشرها، فقد أزكمت روائحها أنف العالم.
دائماً يردد السيد حسن نصر الله، في خطاباته، عن السعودية والإمارات، كلاماً أقسى من كلام قرداحي، ولم تبدِ دول الخليج أي ردة فعل.. كما وصفهم أوباما بـ»الحثالة الملكية» قبل أن يترك البيت الأبيض بعدة أسابيع.. وكذلك وصفهم ترامب بأوصاف سيئة كثيرة، لكنهم لم يجرؤوا أن يقولوا شيئاً. فقد كان منشارهم قصيراً، بحيث لم يصل إلا إلى جسد خاشقجي.
تبحث السعودية الآن عن فريسة ضعيفة تلتهمها لغسل وجهها المتسخ بدماء اليمنيين، وتعتقد أن قرداحي هو هذه الفريسة، لكنها تجهل أنها ستضيف مسماراً آخر إلى كمية المسامير المثبتة في نعشها، وربما اشتعلت أزمة دبلوماسية تفتح جبهة جديدة للسعودية هي في غنى عنها، لكنه الغرور الذي يجعلها توقن بخطئها بعد أن تقع في فخ حماقتها.
* نقلا عن : لا ميديا