|
قرداحي .. الضمير الحي
بقلم/ عدنان باوزير
نشر منذ: 3 سنوات و أسبوعين و 6 أيام الإثنين 01 نوفمبر-تشرين الثاني 2021 08:45 م
ما بين ملك يفتك به الخرف والزهايمر وابن أحمق منشار مغامر يتجاذبان مُلك مملكة مترهلة ، طفقت السعودية في وقت ضائع وصحوة متأخرة وفي غير محلها ، تلملم كرامتها (المبعزقة) وماء وجهها المراق على الصفحات وسمعتها التي باتت تلوكها الأفواه بتندر وسخرية وشماتة ، تستجمع ما تبقى من هيبتها ونفوذها المتراجع وأموالها المهدورة على الحرايرة والجعاجعة وغيرهم من السماسرة في لبنان وغير لبنان ، وتتباكى على ملك أضاعه صغارها كما تبكي النساء والأطفال .
لقد أطاح اليمنيون الأباة بهيبتها ومرغوا أنفها في التراب ولقنوا جيشها في جبال اليمن الشامخة أقسى الدروس وكشفوا هشاشته وجعلوا مشاهد فرار جنودها كالجرذان من ميادين القتال مادة خبرية وفلمية مشوقة تتداولها القنوات والمواقع والصفحات .
وقد تكفل (ترامب) وابنته بسخرياتهم اللاذعة والمتكررة من كل ما هو سعودي من الملك وحتى أصغر رموزها – وفي هذا مفارقة – وحولوهم إلى مادة كوميدية خصبة لرسامي الكاريكاتير وأضحى لقب (البقرة الحلوب) هو الرديف الشائع للمملكة السعودية ، وصار ملكها مثال للغباء والرضوخ المهين تُضرب به الأمثال .
وقد التقط كثير من كتاب وأحرار العالم الظاهرة وأكملوا ما تبقى من مفارقات عجيبة لأغنى دولة في العالم ورسموا بقية تفاصيل الصورة الحقيقية الصادمة لمملكة آل سعود .
لقد هزت كلمات وزير الإعلام اللبناني اللطيفة جداً- لطافة لبنان نفسه- المملكة المتغطرسة في العمق وجعلتها تترنح متخبطة من الغضب ومن الخوف لأنها رغم لطافتها ومنطقها وصدقها (الكلمات) جاءت على الجرح تماماً وأحدثت وجعاً كبيراً خشية من انتشار هذه الظاهرة التي لا مناص من انتشارها طال الزمان أم قصر ، حيث لقد كسرت كلمات (قرداحي) حاجز الخوف أو على الأقل أحدثت شرخاً عميقاً فيه، فالسعودية تخشى حد الموت إظهار مأزقها وغرقها في المستنقع اليمني وبالتالي إعلان هزيمتها أمام شعبها وأمام العالم كله ، وتعتبر هذا مسألة حياة أو موت ، كما تخاف أكثر من إظهار المظلومية اليمنية للعالم ، وقد عملت دائبة وطول سبع سنوات على حجبها ، واشترت في سبيل ذلك الذمم والمواقف ودفعت أموالاً طائلة لضمان بقاء هذه المظلومية طي الكتمان ، ظناً منها أن هذا سيطمس جرائمها الكثيرة جداً والبشعة جداً ضد الإنسانية في اليمن ، وحصارها الجائر لشعبه الفقير المظلوم وعبثها بكل مقدراته بطريقة بالغة في الحقارة وموغلة في الإجرام والبشاعة ، ولكن هل يمكن للسعودية تكميم أفواه كل أحرار العالم ؟؟ هل يمكنها بواسطة ثروتها المتقلصة والمتراجعة شراء ذمم الجميع ؟؟ هذا هو المستحيل بذاته والمسألة مسألة وقت . لقد كانت كلمات (قرداحي) بمثابة الحجره التي رُميت في بركة مياه العدوان السعودي الراكدة والآسنة وسوف تتوالى بعدها لا محالة الكلمات وتتداعى المواقف .
يصاب المتتبع لردود الأفعال السعودية- المضحكة والعنيفة المتدحرجة بسرعة وغير المبررة والتي لا يمكن وصفها إلا بأنها تصرفات في غاية الرعونة – يصاب حقاً بالصدمة والاستغراب الشديد والاندهاش لحالة التخبط الذي أصاب السياسة السعودية المتسمة بالانفعال الشديد والجنوني المتولد عن متلازمة الغرور الغبي والغطرسة وهذا لعمرك ما سيصيبها في مقتل .
دون أي تدرج دبلوماسي لمعالجة مصابها من كلمات (قرداحي) شرع هذا النمر من الورق بالتنمر على لبنان ومحاولة خنقه اقتصادياً وعزله سياسياً وتأجيج انقسامه الداخلي ومضاعفة محنته ومفاقمة أزمته الداخلية في سعي مكشوف وصارخ لتركيعه وسلبه سيادته بطريقة معلنة ومهينة هذه المرة ، وبين هذا وذاك محاولة خبيثة لتفجير الصراع بين فرقائه وكثير منهم سماعون لها مسبحون بحمدها وعبيد لأموالها المدنسة ، بغية إشعال حرب أهلية جديدة في لبنان لن تبقي إذا ما اندلعت – لا سمح الله – ولن تذر ، غير مكترثة لمصير حلفائها الأدوات فيه ولا عابئة بحالة المواطن اللبناني المطحون أصلاً بالأزمة الحالية ، لا يعنيها لبنان ، فليحترق كله عن بكرة أبيه أهم شيء أن تنال من حزب الله بشتى الوسائل والطرق ، لكن هذا لن يتحقق وستفشل كما فشلت في كل مرة، بالمناسبة هذه المملكة أدمنت الفشل وتطورت حالتها وأصبحت مستفحلة، نعم ستفشل ما دام في لبنان عقلاء وما ظل فيه مكوّن اسمه حزب الله ورجل اسمه السيد حسن نصر الله ، هذا الحزب بسيده الحكيم كما هو ضامن لحرب لبنان فهو وبطريقة أكبر ضامن لسلمه .
وأخيراً.. ماذا حققت السعودية من هجمتها غير المسبوقة على لبنان ؟؟ لم تحقق شيئاً يُذكر ، فلا لبنان انهار ولا شب الصراع الفعلي بين جنباته ، ولا الحكومة سقطت ، ولا حتى الوزير (قرداحي) استقال.
هل تبعها باقي العرب ؟؟ أبداً ، لم يتبعها بشكل كامل ومتطابق سوى ذيلها البحريني ، والكويت وهذا موقف غريب ومفاجئ منها .
هل حققت حملتها الإعلامية الشرسة والضخمة على لبنان الشقيق أهدافها ؟؟
هل جنت حملات التشويه والافتراء لذبابها الالكتروني المتهافت أي مكسب ضد كل ما هو لبناني ؟؟
لا شيء سوى استهجان وسخرية كل متابع وجعلها في عيون الناس مضحكة أكثر، كما كانت ولا زالت وستظل عليه .. ولن يصلح العطار ما أفسدته حماقة السياسة السعودية ..
ختاماً .. نحن في اليمن ننظر بعين التقدير والاحترام والإكبار لموقف معالي وزير الإعلام اللبناني الحر والشجاع والحق والمنصف ، ونعبر عن التضامن الكامل والمطلق مع الوزير (قرداحي) ومع كل لبنان الشقيق الرائد الذي تعلمنا منه أشياء كثيرة , فمنه تعلمنا الصمود ومنه استلهمنا المقاومة .. |
|
|