أن تكون شاعراً ومثقفاً، أو صحفياً، أو إعلامياً، وتذهب إلى السعودية كلاجئ رخيص يستخدمونك كقلم أو صوت موجَّه ضد بلدك، فأنت حينها قد تفوقت على أبي رغال، الذي باع مفاتيح الكعبة بزقّ من الخمر، وأصبح اسمه نعتاً لكل خائن.
ذهب البعض من المثقفين اليمنيين، الذين كنا نعتبرهم من نخبة البلد، إلى مصر، وتركيا، وذهب بعضهم إلى السعودية ليقيموا في غرف الفنادق، يتم استخدامهم كأبواق مأجورة تبرر العدوان على اليمن بحجة محاربة الانقلاب، رغم أنها حجة سخيفة لأن العدوان يستهدف اليمن أرضاً وإنساناً، بحقد غير مسبوق منذ زمن طويل، وكذلك تبرير ضربات العدوان وقتل الأطفال والنساء، بأنها ضربة خاطئة، ويتم تبريرها بكلام ناعم واتهام الطائرات بأنها عمياء فقط، دون أدنى استنكار أو غيرة على اليمن.
أن تختلف مع الحوثي فهذا من حقك، وأن تفكر في الخروج من اليمن رفضاً لسلطة الأمر الواقع، أو البحث عن وطن بديل لأنك خائف ولا تريد البقاء تحت القصف وفوضى الحرب، فهذا من حقك أيضاً.. لكن أن تقف في صف العدوان ضد بلدك، فقد بعت إنسانيتك، وسفكت ماء وجهك دون أي مقابل سوى الخزي والعار الذي ستحمله طيلة حياتك.
كلنا محاصرون، وكلنا تحت القصف، وكلنا دون مرتبات.. وعن نفسي فقد حصلت على فرصة للخروج إلى السعودية، بعد يومين من سقوط قنبلة عطان، وتلقيت عرضاً مغرياً للعمل في صحيفة الرياض بمرتب يسيل له اللعاب، ومازلت أحتفظ بالرسائل التي تلقيت فيها هذا العرض ورفضي له، رغم حاجتي الشديدة للمال، لكن اليمن أغلى. وأخبرتهم بعد رفضي بأنني أفضِّل أن أعمل في غسل السيارات في صنعاء، خير لي من أن أكون حتى رئيس تحرير في الرياض.
إنها اليمن، بلادنا الغالية، سنظل فيها رغم ما نعانيه، ونصارع هذه الأزمة بكل الإمكانيات، وسننتظر الفرج والنصر الذي سيعيد الاستقرار والكرامة التي يحاول بنو سعود وعيال زايد أن يسلبونا إياها. وهذا ما لن يكون، لأن اليمني يؤمن ويعتنق مبدأ «النار ولا العار».
نحن الآن في مخاض، ولا بد أن تشرق شمس جديدة، وينهض يمن جديد من تحت الرماد، ولن يتحقق هذا إلا بعد أن تتهاوى أبراجهم وعروشهم، في نهاية سيئة ومخزية تليق بهم وبما اقترفوه في حق كل الشعوب العربية والإسلامية.
* نقلا عن : لا ميديا