شوقية عروق منصور
طباعة الصفحة طباعة الصفحة
RSS Feed مقالات ضدّ العدوان
RSS Feed
بحث

  
الحب والمرأة الكاتبة في الزمن اليمني
بقلم/ شوقية عروق منصور
نشر منذ: 7 سنوات و أسبوعين و 6 أيام
السبت 08 إبريل-نيسان 2017 09:02 م




أن تسكت أصوات المدافع ، وتتوقف الطائرات عن القصف ، وتتحول الأرض اليمنية الى هجرة نحو الحرف والكلمة تلك هي المعجزة في هذا الزمن المخيف.

أن تتسكع الجثث اليمنية التي احترقت وتمزقت وتشوهت على ضفاف الحقد السعودي والتحاف العربي الدنس ، وتنام تحت التراب الذي تكوم على شكل مقابر سريعة ، تنتظر المزيد من لهب الجحيم ، لكن من بين اللهب يهرب الموت الى الورق ، يقيم فوق خيام الحب ممزقاً أشباح الاحتراق معلناً أن – لا غالب إلا الحب – على رأي الشاعر الدمشقي نزار قباني .

في الزمن اليمنى الذي يهدينا يومياً أخبار القتل و الردم والهدم وبراكين الدم وزلازل الخوف ، هناك بعض الفرح ، ليس رشوة ، بل الإصرار أن اليمن مهرة الحرية ، وأن الأدب اليمني الذي هناك من أطلق عليه – أدب القات – ينتصر الان للوجود الإنساني ، لظلال البراءة الأولى .

الشاعر اليمني الشاب ” محمد الضبع ” مرادف الآن للتحليق فوق الجراح ، يتحدى الأنياب الحادة التي تمزق الجسد اليمني ، يتحدى تكسير عظام الوجود ، بنسج الحكايات الجديدة عن الحب ، لا نعرف كيف يخرج الشاعر محمد الضبع ، من جنون الحرب والألم الى عبير الحب عبر التاريخ الحديث ، كيف يحتجز عصافير الحب ويطلقها فجأة في سماء الادب في ظل فخاخ الحرب ، وأتساءل كيف يطير العصفور والرصاص يطرز الفضاء / والطائرات تقتحم الحزن ، لينتحب الهواء ، وبعد ذلك يصبح كل شيء رماد .. رماد .
فتشت عن حياة الشاعر الشاب ” محمد الضبع ” فلم أجد سوى أنه أصدر عام 2012 ” صياد الظل ” وهو الديوان الشعري الوحيد له .

في كتابه ” معطف فوق سرير العالم ” يسجل فيه أهم رسائل الحب عبر التاريخ القديم والحديث ، وأيضاً عبارات الحب التي كتبها السياسيين والادباء والشعراء والفلاسفة ، وأشهر القصائد التي كُتبت عن الحب .

 لقد اختار الشاعر ” محمد الضبع ” هذه النماذج من المدونات الالكترونية ، وقام بترجمتها بأسلوب راق ، يغلب عليه الإحساس بالمسؤولية وعشق الكلمة النزيهة التي تفتش عن مأوى في هذا الزمن الصعب .

غير المألوف في كتاب ” محمد الضبع ” هو الفصل الخاص بالمرأة الكاتبة ، والذي يدل على القيمة الكبرى التي يوليها هذا الشاعر الشاب للمرأة التي قررت أن تحمل الكلمة على كاهلها ، وتخرج بها الى العلن ، ويكون عنوانها الكتابة .

تحت عنوان ( أخرج في موعد مع فتاة تحب الكتابة ) تنهار نظريات الكيمياء الاجتماعية التي تضع المرأة الكاتبة في خانة الحذر والخوف وعدم الإخلاص والتنقل والسقوط في الخطيئة والترفع والعيش على الاستهتار ، لأن ميدان الكتابة خاصاً بالرجال ، والمرأة التي تقتحم الكتابة لا تنعم بالاستقرار ، بل عليها أن تبقى في حالات مخاض الرفض ، وأي بريق قد ينتشلها من بيتها واسرتها وأولادها .

عكس النظرية ، الشاعر ” محمد الضبع ” يحرض الرجل على الاهتمام بالمرأة الكاتبة ، وعلى الرجل أن يفضلها على غيرها ، لأن المرأة الكاتبة مميزة ، ليست امرأة عادية ، فيها الحنان ومحاطة بتصرفات وسلوكيات تمجد تفاصيل دقات قلب الابداع .

( ابحث عن فتاة تحب الكتابة ، ستكتشف أنها مرحة ، أنها متعاطفة وحنونة لدرجة بالغة ، ستحلم وتبتكر عوالم وأكواناً كاملة لأجلك ، هي التي ينحني الظل أسفل عينيها ، هي الفتاة ذات رائحة القهوة والكوكاكولا وشاي الياسمين الأخضر ، هل رأيتها وظهرها متقوس باتجاه مفكرتها الصغيرة .. ص 58 )

بل يندفع ” محمد الضبع ” ويدعو للزواج من امرأة كاتبة ، لذلك هناك عدة أسباب ، حسب رأيه ( إذا وجدت فتاة تحب الكتابة ، فحاول إبقاءها بالقرب منك إذا وجدتها مستيقظة عند الثانية صباحاً تكتب بشراسة ، الفتاة التي تحب الكتابة ستحكي لأطفالك قصصاً بالغة الجمال والسحر ، لأن هذا هو أجمل ما تملكه ، لديها خيال ، ولديها الجرأة ، وسيكون هذا كافياً ـ سوف تنقذك في محيطات حلمها ، ستكون فارستك ، وستكون عالمك ، في انحناءة ابتسامتها ، في اللون البندقي لعينيها ، في الكلمات التي تنهمر منها كالسيل ، كالموجة ، ساحرة الى درجة تجعلك تخسر أنفاسك لصالحها ، تلك هي الفتاة التي تحب الكتابة .. ص 60 )

أظن أن الشاعر اليمني الشاب ” محمد الضبع ” استطاع أن ” يضبع ” المجتمع العربي الذي ما زالت الكاتبة تعيش فيه على حد الخوف والرفض والرقابة ورضى القبيلة ، ويقرعون طبول القتل والذبح واللوم حين تشعر القبيلة أن الكاتبة تخرج عن الخطوط التي رسمت ، فالكاتبة في المجتمعات العربية أشبه بدائرة النار التي يشعلونها في أفلام الغرب الأمريكي ، حيث يرقص الهندي حولها .

حين يكتب الشاعر اليمني ” محمد الضبع ” عن المرأة الكاتبة ، يخون الفكرة السائدة التي كتبها عشرات الكتاب والنقاد العرب الذين استخفوا بالمرأة وأفكارها وكتاباتها ، بل هو يدعو الرجل العربي الى اختراق عالمها والعيش معها ، لأنها امرأة مميزة .

حقاً فوجئت بالموضوع الذي طرحه ( أخرج في موعد مع فتاة تحب الكتابة ) لأنه يمشي ضد التيار السائد ، التيار الذي يعلن أن الكتاب قد مات ، وأن لا أحد يقرأ . وأيضاً أن المرأة مجرد جسد جميل يسعى لتجميله أكثر وأكثر أطباء التجميل .

الشاعر ” محمد الضبع ” يتسلل الى الصفحات البيضاء ، لا يرتكب حماقة الحب في الزمن الوحشي ، بل بكتابه هذا ينقذ العالم من وحشيته ، وينقذ المرأة الكاتبة من احساسها بأنها ترتكب الخطأ وعليها إرضاء العائلة والزوج والمجتمع .
تعليقات:
    قيامك بالتسجيل وحجز اسم مستعار لك سيمكنكم من التالي:
  • الاحتفاظ بشخصيتكم الاعتبارية أو الحقيقية.
  • منع الآخرين من انتحال شخصيتك في داخل الموقع
  • إمكانية إضافة تعليقات طويلة تصل إلى 1,600 حرف
  • إضافة صورتك الشخصية أو التعبيرية
  • إضافة توقيعك الخاص على جميع مشاركاتك
  • العديد من الخصائص والتفضيلات
للتسجيل وحجز الاسم
إضغط هنا
للدخول إلى حسابك
إضغط هنا
الإخوة / متصفحي موقع الجبهة الثقافية لمواجهة العدوان وآثاره نحيطكم علماُ ان
  • اي تعليق يحتوي تجريح او إساءة إلى شخص او يدعو إلى الطائفية لن يتم نشره
  • أي تعليق يتجاوز 800 حرف سوف لن يتم إعتماده
  • يجب أن تكتب تعليقك خلال أقل من 60 دقيقة من الآن، مالم فلن يتم إعتماده.
اضف تعليقك
اسمك (مطلوب)
عنوان التعليق
المدينة
بريدك الإلكتروني
اضف تعليقك (مطلوب) الأحرف المتاحة: 800
التعليقات المنشورة في الموقع تعبر عن رأي كاتبها ولا تعبر عن رأي الموقع   
عودة إلى مقالات ضدّ العدوان
الأكثر قراءة منذ أسبوع
عبدالرحمن العابد
ضربة يمنية قوية للكيان
عبدالرحمن العابد
الأكثر قراءة منذ 3 أيام
مالك المداني
عقدة النقص!
مالك المداني
الأكثر قراءة منذ 24 ساعة
صفاء السلطان
الدورات الصيفية والقيادة القرآنية
صفاء السلطان
مقالات ضدّ العدوان
عبدالله علي صبري
" شكرا ترامب "!
عبدالله علي صبري
إبراهيم السراجي
الشاعر البردوني يلقي قصيدته في اجتماع أمير النفط مع “مسائخ” اليمن
إبراهيم السراجي
محمد ناجي أحمد
البيادق المستنسخة
محمد ناجي أحمد
د.أحمد صالح النهمي
الطابور الفاسد
د.أحمد صالح النهمي
صلاح الشامي
الحرب الناعمة
صلاح الشامي
محمد عايش
لولا أننا نعرفك يا أمريكا لصدقناك
محمد عايش
المزيد