يحيى اليازلي
طباعة الصفحة طباعة الصفحة
RSS Feed تحقيقات وسرد وحوار ضدّ العدوان
RSS Feed
يحيى اليازلي
كتاب سلطة المثقف والسياسي للدكتور محمدالحوثي
وقفة مع رياض الصايدي الشاعر الملتزم
مستويات الومضة المنظومة لدى أحمد بن زيد المحطوري
محمد العابد في هذا الغائب
قراءة في عناوين عبدالعزيز المقالح
قراءة في عناوين عبدالعزيز المقالح
الشاعر/ عبدالرحمن مراد ل « 26 سبتمبر » نحن في أشد الحاجة إلى تطوير أساليب تفكير العقل العربي
الشاعر/ عبدالرحمن مراد ل « 26 سبتمبر » نحن في أشد الحاجة إلى تطوير أساليب تفكير العقل العربي
قراءة ثانية لعناوين عبدالحفيظ الخزان
واحدية هنا أو هناك في قصيدة «ولكن بيتي معي» لابتسام المتوكل
المنظومة النصية الصمودية للشاعر باسم مساوى
«أبهى العرب» قصيدة في المديح النبوي للشاعر عبدالرحمن مراد

بحث

  
حقيقة صالح الأحمدي!
بقلم/ يحيى اليازلي
نشر منذ: سنتين و 10 أشهر و 29 يوماً
السبت 25 ديسمبر-كانون الأول 2021 07:39 م


 
قد يبدو عنوان هذا المقال صادما ويوحي بأن ثمة حقيقة غير متوقعة عن الشاعر صالح الأحمدي، ولكنه في الحقيقة قراءة في قصيدته التي عنوانها "الحقيقة".
ومن خلالها أراد الشاعر فهم الحقيقة عبر عيوب الحقيقة. والحقيقة لديه تتجلى من خلال الخلفية التي تقبع خلف تلك العيوب/ الحجب، لذلك لم يتحدث عن الحقيقة ذاتها، لأنها لا تدرك بالمباشرة وإنما عبر الحجب، ومن أجل أن نفهم بشكل أكثر وضوحا سنلقي نظرة على مفهوم العيب من مصادر خارج النص ثم نعود لنقرأها فيه لنعزز ما يريد الشاعر.
في القرآن نفهم معنى العيب في قصة العبد الصالح مع موسى في قوله تعالى: "فأردت أن أعيبها"، والمعنى أن السفينة كانت سليمة فأحدث فيها خرقا لكي لا يأخذها الملك غصبا، ذلك الخرق شكل حجابا حال دون أخذها، والعبرة التي نريد من القصة أن العيب حجاب وأن وراء الحجاب حقيقة.
تكمن نظرية الهدم والبناء في قصة موسى مع العبد الصالح، في حدث خرق السفينة. "حتى إذا ركبا في السفينة خرقها". وهنا نجد نظرية الهدم. وفي حدث آخر من القصة نفسها نجد بناء الجدار "فوجدا فيها جدارا يريد أن ينقض فأقامه". وهنا تكمن نظرية البناء. ففي كليهما تشكل حجاب حاجز بين الجدار المقام والسفينة المعابة، وبين كوامن الشر التي قد تدفع الناس إلى الجانب المقابل من الحقيقة. إذن فلدينا مثلان من القرآن متعلقان بحجاب الحقيقة وبجانبي الحقيقة اللذين يخفيهما. وثمة نظرية ثالثة في القصة نستطيع أن نسميها نظرية الوكز، استنبطناها من قتل الرجل الصالح الغلام.
ولدينا إشارات كثيرة من خارج القرآن لو شئنا لذكرنا منها اثنتين، إحداهما في السيرة النبوية متمثلة في قصة النبي محمد في غار ثور، وإشارة ثانية تاريخية في الخرق الموجود بـ"باب اليمن" باب صنعاء القديمة. وبالطبع شاهد باب الغار "بناء" وشاهد باب صنعاء "هدم". كلاهما شكل حجابا للحقيقة بغض النظر عن ماهية اليد التي أحدثتهما.. سواء يد حكيم أو يد عابثة أو يد غير عاقلة... لكن خلف كل حدث حقيقة ما.
ويبقى أن نورد شواهد على موضوعنا من الشعر لباحثين عن الحقيقة من الشعراء. فسنجد شاهدا على نظرية الوكز عند الشاعر سامي الحوثي، لأنها تدرس نفسية المجاهد في وضعية العبد الصالح قاتل الغلام. في مقطع من قصيدة "الحقيقة":
يستقربُ الأندادَ.. أيّ نوى؟
ما للفتى في هدْيِهِ نِدُّ
يمضي وفي نظراتِهِ سُوَرٌ
يتلو لظاها النصرُ والوعدُ
الاقتحامُ الاشتباكُ معاً
القنصُ والتفجيرُ والرصدُ
القتلُ والتصفيدُ مفترقاً
كرماً، ومجتمعاً إذا ارتدّوا
والموتُ والتنكيلُ إذ شردوا:
"شردوا".. فيا ربي لكَ الحمدُ!
ولكن قراءة نفسية المجاهد في وضعية العبد الصالح باني الجدار سنجدها لدى الشاعر أحمد الغبسي في مقطع من قصيدة "أنت الحقيقة":
يا بايع الروح نعم البيع بيع الكرام
يا رابح البيع فاعذرني فأنا كلما
حاولت اصف تضحياتك فز قلبي وقام
من جوف صدري يقل لي ما رمى إذ رمى
أنت الحقيقة وما هو دون وجدك عدام
وانت البصيرة وما هو دون صبرك عمى
من غيرك اعتد واسقانا بغيث الغمام
من منهل الموت واروانا بكاس الظما!
لكنا سنجد مثالا لنظرية الهدم ونفسية المصلح لدى الشاعر صالح الأحمدي:
والوثيقة لو حواها عيب تنقضها وثيقة
ومن وثيقة لا وثيقة تتضح كل الحقايق!
"ف الحقيقة ما لقينا عيب شرعي في الحقيقة"، حرف الفاء الذي يسبق الحقيقة هو حرف الجر "في". وفي بعض اللهجات ينطقونها هكذا "ف" بدون "ياء"، ويلصقون الفاء بالاسم المجرور المعرف بـ"ال" التعريف دون غيره مباشرة. لكن جملة "ف الحقيقة" في ذاتها لا تعني الحقيقة، بل تعني "في الواقع"، وإنما سياق القصيدة هو المعني بالحقيقة ومن خلال بعض الحقائق التي تكشفها الحجب..
حسنا، "ف الحقيقة ما لقينا عيب شرعي ف الحقيقة"، أي بحثنا عن عيوب الحقيقة في ذات الحقيقة فما وجدنا عيبا واحدا؛ عيباً واحداً أو عيباً شرعياً.
"ف الحقيقة ما لقينا عيب شرعي ف الحقيقة". إنه يتحدث عن عدم وجود عيوب في الحقيقة ذاتها، وكرر مفردة الحقيقة في البيت من باب التأكيد على المعنى.. وإنه يقول: لم نجد عيبا شرعيا إلا في ما يلي مما سيتم سرده في الأبيات، فأما الحقيقة ذاتها فلا عيب فيها. إن العيوب في تعامل الناس مع الحقائق:
العيوب الشرعيَةْ في محتوى بعض الوثايقْ
وفي كلام الناس واسلوب التعامل والطريقة
واختلاف الراي في ظل التباين والتوافق.
وحضرت لفظة الشرعية في الجملة وقبل ذلك لفظ الشرعي في الشطر الأول للبيت. وإن في هذه الجزئية من النص نسقا قانونيا أو عرفيا صادرا عن قاض أو شيخ قبلي مثلا، ربما. لهذا ولذلك السياق يذكر الوثائق. على أن صياغة الوثائق فضلا عن قراءتها تتطلب مختصين متمكنين ذوي خبرة. إن الوثيقة المصاغة تحتاج إلى ناقد مختص أيضا في تقييمها كنص قانوني أو تاريخي أو ثقافي لكي يكشف زيفها، والذي قد يبدو للناس العاديين نصا كاملا.
بالنسبة لي كقارئ مهتم بالشعر سأعتبر هذه القصيدة وثيقة، لكنها وثيقة شعرية وغير شعرية. ولذلك سأعد العيب فيها مع احتمال غيابه عيبا شعريا ملحا، وعلى أساس الرؤية التي سردناها في بداية المقال، سنعتبر النقص في النص بوابة لتفجير طاقاته وكوامنه. إلى ذلك يمكن إجمال فلسفة الشاعر صالح الأحمدي في هذا النص أن الأخطاء أو العيوب بلا حد ويجب أن ننطلق منها كحجب للكشف وكمحفزات للمعرفة ولتغيير الوضع ولصنع حضارة ولثبيت قيم للإنسانية، فالتغيير مستمر طالما استدعتها الضرورة، وصناعة الحضارة مستمرة طالما يحثها التقدم والتطور.
حقيقة
ف الحقيقة ما لقينا عيب شرعي ف الحقيقة
العيوب الشرعيَة في محتوى بعض الوثايقْ
وفي كلام الناس واسلوب التعامل والطريقة
واختلاف الراي في ظل التباين والتوافق
ف الحقيقة لو نظرنا حسب مفهوم الخليقة
أعتقد كل الخليقة تدرك ان الله خالق
ولو نظرنا للمخوَّة والعلاقات الشقيقة
قد نشوف اخوة أشِقَّا بينهم عدة فوارق
من تعثر في طريقه يحسب الثاني يعيقه
ومن تقدم في طـريقه حط للثاني عوايق
ف الحقيقة ما اختلفنا ف الحظارات العريقة
اختلفنا كيــف نتـفاهم على جمع السوابق
اختلفنا كيف نتقاسم أمانينا الغريقة
كيف تتزاحم مآسـينا على حفر الخنادق
كل بيدق يحسب انه شاه في خندق فريقه
وِانِّ طاح الشاه طاحت مـن حواليه البيادق
ف الحقيقة من لعب بالنار تلفاه الحريقة
ومن يحب الدار ما يعجـب على شب الحرايق
صوب نيران العَدُوَّة مثل نيران الصديقة
طالما والراي متـبادل من اخـشام البنادق
ف الحقيقة صعب نشعر بالأحاسيس الرقيقة
والضمير الحي ميت فـي نظر كاذب وصادق
جف ريق الياس منا والأمل ما بل ريقه
والنوايـا البيض محصورة علـــى ارقام البطايق
ف الحقيقة مستريح البال نظراته عميقة
والحسد والحقد يعمي كل نظرة بال رايق
ف الحقيقة كل مظهر زيف يتلاشى بريقه
عندما تظهر خيوط الشك في عين المنافق
ف الحقيقة تكتمل كل الثواني في دقيقة
ويفتضح من قال بايسرق من الساعة دقايق
إنما بين الطريقة والحسابات الدقيقة
لا يزال البعض منا في بحور الشك غارق
الطريقة روح فطرة أو مبادي أو سليقة
المـهم الاستقامة ذي لها راعد وبارق
والوثيقة لو حواها عيب تنقضها وثيقة
ومن وثيقة لا وثيقة تتضح كل الحقايق.
* نقلا عن : لا ميديا
تعليقات:
    قيامك بالتسجيل وحجز اسم مستعار لك سيمكنكم من التالي:
  • الاحتفاظ بشخصيتكم الاعتبارية أو الحقيقية.
  • منع الآخرين من انتحال شخصيتك في داخل الموقع
  • إمكانية إضافة تعليقات طويلة تصل إلى 1,600 حرف
  • إضافة صورتك الشخصية أو التعبيرية
  • إضافة توقيعك الخاص على جميع مشاركاتك
  • العديد من الخصائص والتفضيلات
للتسجيل وحجز الاسم
إضغط هنا
للدخول إلى حسابك
إضغط هنا
الإخوة / متصفحي موقع الجبهة الثقافية لمواجهة العدوان وآثاره نحيطكم علماُ ان
  • اي تعليق يحتوي تجريح او إساءة إلى شخص او يدعو إلى الطائفية لن يتم نشره
  • أي تعليق يتجاوز 800 حرف سوف لن يتم إعتماده
  • يجب أن تكتب تعليقك خلال أقل من 60 دقيقة من الآن، مالم فلن يتم إعتماده.
اضف تعليقك
اسمك (مطلوب)
عنوان التعليق
المدينة
بريدك الإلكتروني
اضف تعليقك (مطلوب) الأحرف المتاحة: 800
التعليقات المنشورة في الموقع تعبر عن رأي كاتبها ولا تعبر عن رأي الموقع   
عودة إلى تحقيقات وسرد وحوار ضدّ العدوان
تحقيقات وسرد وحوار ضدّ العدوان
لا ميديا
حكاية شهيد
لا ميديا
لا ميديا
«مواقع النجوم».. ضيف الله العياني
لا ميديا
لا ميديا
«مواقع النجوم».. عبدالفتاح الخراشي
لا ميديا
الجبهة الثقافية
عندما زحف العدو باتجاه صنعاء
الجبهة الثقافية
لا ميديا
«مواقع النجوم».. أبو شهيد الجرادي
لا ميديا
لا ميديا
«مواقع النجوم».. أبو عمار القدمي
لا ميديا
المزيد