آخر الأخبار
يحيى اليازلي
طباعة الصفحة طباعة الصفحة
RSS Feed تحقيقات وسرد وحوار ضدّ العدوان
RSS Feed
يحيى اليازلي
كتاب سلطة المثقف والسياسي للدكتور محمدالحوثي
وقفة مع رياض الصايدي الشاعر الملتزم
مستويات الومضة المنظومة لدى أحمد بن زيد المحطوري
قراءة في عناوين عبدالعزيز المقالح
قراءة في عناوين عبدالعزيز المقالح
الشاعر/ عبدالرحمن مراد ل « 26 سبتمبر » نحن في أشد الحاجة إلى تطوير أساليب تفكير العقل العربي
الشاعر/ عبدالرحمن مراد ل « 26 سبتمبر » نحن في أشد الحاجة إلى تطوير أساليب تفكير العقل العربي
قراءة ثانية لعناوين عبدالحفيظ الخزان
واحدية هنا أو هناك في قصيدة «ولكن بيتي معي» لابتسام المتوكل
المنظومة النصية الصمودية للشاعر باسم مساوى
«أبهى العرب» قصيدة في المديح النبوي للشاعر عبدالرحمن مراد
كتاب «من الثورة إلى الوحدة» ل«أنس القاضي»
كتاب «من الثورة إلى الوحدة» ل«أنس القاضي»

بحث

  
محمد العابد في هذا الغائب
بقلم/ يحيى اليازلي
نشر منذ: 10 أشهر و 5 أيام
الأربعاء 21 يونيو-حزيران 2023 11:36 م



سأعتبر مقالي هذا مقدمة لقراءة ديوانه هذا الغائب الذي لم أحصل على نسخة منه بعد.. لكني أحفظ بعضا من ومضاته في ذاكرتي.. وسأحاول من خلالها أن أعطي نبذة عن بعض خصائص محمد العابد في قصيدة النثر/ الومضة... التي ما تزال هي التيار الأدبي السائد والجديد منذ عقود إن لم أخطئ.. وأؤكد أن محمد العابد هو من مبدعي هذا الصنف الأدبي المدهش الكبار.


(1)
(هناك موت الفجأة
وهناك أناس الفجأة
قد تصبح شيئا
أو لا شيء فجأة
وقد تكتشف الأشياء فجأة
ولكن ليس هناك حياة فجأه.)
الفجأة في صورتها الذهنية عامة مريبة، واستثمارها في صورة ثقافية في الومضة جيد، فهي لا تدل على استقرار.. وقبل ذلك فالحياة من منظور قرآني أطوار ومراحل تكوين ونشأة... وبالمقابل فالموت يأتي بغتة.. في سياقات مختلفة.. قد يكون الثراء فجأة مثلا إحداها.. وفي المثل الشعبي "مخرب غلب ألف عمار".. وفي النص صور مضغوطة للفجأة كأنساق مضمرة.. فمثلما ان هناك موت الفجأة يقابله الطارئون أو أناس الفجأة.. التي قد تصبح شيئا أو لا شيء فجأة... لكن السقف العام لما يحدث.. أن لا حياة فجأة.. والمقصود أن ما يتم اتخاذه بدون تأهيل وترتيب وإنشاء في كل شؤون المجتمع والدولة لن يكون إلا الوجه الموازي للموت.. في إشارة بليغة تكاد تكون دستورا لمن يريد أن يحيا بالمعنى الحقيقي الذي تحمله الحياة بمفهومها المتجاوز للنمطية.. وأن الحياة هي أيضا بناء وتطوير وتنمية.. وأسلوب.. وبرامج.. وما سواها رديف الموت..
(2)
(ما أن تمر الثانية
أبحث عن الأولى
فتمضي ثانية
أبحث وما أدركت نفسي
في
الثوان
ليس لنا أوقات
أيتها الثواني)
اللعب على حيثيات اللغة كثير في اشتغالات العابد.. غير أنه كثير ذو قيمة عالية.. من جهة فيلولوجية وتعني تأصيلها من منظور جذري للفظ. ومن جهة فينومينولجية وتعني فهمه له من منظور معرفي خاص أو هو البسيط الممتنع.. على أن الإدراك من منظوره النصي ومعرفي ينصب حول المجرد في موسوعة العابد التجريدية الكثير من هذا القبيل فالإقلاع خارج مدار الأجسام في رحلة ميتافيزقية ديدن.. وتبقى فقط العودة من كل رحلة بحصيلة معرفية من شأنها أن تفصح عن شاعر جدير بالتجريد.. مع قدرة على تجسيد المعنى الواسع بأضيق عبارة.. إضافة إلى ذلك.. هذا وذاك والذي قبل ذاك أهم خصائص الشاعر محمد العابد.
(3)
(لكي أدرك الوقت
حاولت إطلالة
فلم
أجد
النافذة)
ومضات العابد تشبه لذة الاستيقاظ على شروق الشمس وزقزقة العصافير.. مبنية على إدهاش يشبه الفرح... وهو ما جعلها تبدو كلبنات ضمن مشروع شعري شاهق موسوم بهذا الغائب في حين أنه طاغي الحضور.. وقد لا تندرج ومضاته ضمن ما يسمى بالهايكو ولا بالقصيدة اليومية أو بالأحرى لا ترقيان إليه لأن الهايكو والحالة اليومية برمتها مبنية على المباشرة.. وبمنأى عن الصناعة.. إن العابد يستخدم في توقيعاته المجاز والخيال والتخييل.. مما يعطي نصه بصمة مميزة.. كما أن لديه مضمرات يمكن قراءتها على حدة.. وإن كنا سنقرأ شيئا منها.
(4)
(انظر كم
فكرة لمعت في رأسي
وأنت
لم
تفكر بعد.)
ردا مباغتا على من يسخر من الشيب... تحول بالبداهة إلى حكمة ما يؤكد ارتباط الشيب باكتمال العقل.. إن سرعة الجواب في هذا النص هي الشعر.. بعيدا عن معايير الشعر.. ومثلما الحال في الشعر الشعبي ومواقف مصادفة على هامش الحياة اليومية.. لكن أيضا بعيدا عن المقارنة والمشابهة.. فالبداهة لدى العرب لها شواهد كثيرة.. والخلاصة أن هذه البداهة كذلك من خصائص العابد جاءت في قالب نثري أو ومضة.. ناهيك عن تحول موقف إلى حكمة في قالب شعري.. أو سحري.. لكنا قلنا شعري اعتمادا على إن من الشعر لحكمة.. ولكنا أيضا قلنا سحري اعتمادا على إن من البيان لسحرا.
(5)
«في نافذة الهواء
حلم غامض
يسد الأفق الموازي إلى نصفين
من ساعة الصفر
على نحو تفكك ما بين جهات
تلتصق بنفسها عن بعد يحط عصفور»
يكتب العابد نصوصه بل وحتى ينظر للحياة ويمارسها من عدة زوايا: العرفان والتصوف والفلسفة والكلام.. وتأتي رؤاه في صور ظاهرة ومضمرة كهذا النص الفلسفي ذي النسق المضمر الرقمي كونه رياضي ممعن في فلسفة الأرقام.. وغائص في أنساق الميتافيزيقا والتجريد حدا يصعب تصور كيفية تجسيد ساعة الصفر على نحو تفكك ما بين الجهات.. غنوصية رقمية واعية ومن اللا وعي معا.. بمنطق الشعر وبمنطق الشاعر.. وبمنطق التلقي.
(6)
«النون.. حرف عظيم
يسيء إليه البعض
عندما يضعونه
بين ألِفين»
سنتأمل خلال نص النون الدلالات الصوفية... وفيه دعوة إلى المحبة والترفع عن النرجسية والتواضع.... وهذا البعد الصوفي يقترن مع نص آخر ذي بعد ثوري سنورده بالتالي ليشكلا صورة ذات بعدين صوفي وثوري.. ما يؤكد إمكان أن يكون الصوفي مع كونه داعيا للمحبة والسلام ثائرا مما يعني أن للصوفية أثرا إيجابيا في الواقع الاجتماعي وتأثيرا فعالا في الواقع السياسي.. وليس كما يحكى من أنه منطو وخارج نطاق الحياة الاجتماعية والسياسية..

(7)
"هيا نخبئ النهار
ونحبئ المسافات والظلال
هيا نخبئ أمنيات وأحلاما
هيا نخبئها في العلن
ونصنع منها اليوم الذي نريد".
هذا النص صلبناه فوق باب خيمتنا في ساحة التغيير في 2011 م. وإن كان كتبه محمد العابد قبلها بسنوات لكنه يكتنز نبوءة بل نبوءات لما سيحدث في السنوات اللاحقة.. ونكاد نرفعه عنوانا إلى اليوم وقد فعلنا ذلك وكان معبرا عنا ونستمد منه حماسنا في مرحلة الثورة للتغيير.. لأن فيه صدق ويحمل طاقات ومضامين بعض أهدافنا.. نص عابر وإن كان ومضة إلا أنها كعصا مضيئة تشق الأفق المظلم وتمضي بالشغف نحو الأنوار تاركة البحر رهوا.. فإن طغاة خلفها مغرقون.. هيا نخبئ النهار في العلن.. ونخبئ المسافات والظلال وصناعة اليوم الذي يريد من كل ذلك... هذه الحياكة النسقية المتعالية في التجريد والمتضافرة في الظهور كبنى شعرية ممعنة في المتانة.. بشحناتها المعلنة عن قوة الإرادة. و "هيا" المكررة ثلاثا كأنها تنشد مقطوعات من أغاني المحاربين القدامى في هذا الصدد المكتوب بتصور منهجي.. لبراديغما التغيير.. مجسدا في أنشودة شعرية ولا شعرية تكاد بنبؤاتها تمطر.. ولو لم تمسسها بروق الحرب.. إنه نص مفعم بمضمرات تريد أن تصل إلى غايات عليا.. من شأنها إحداث فجوة في أفق مظلم.. للنجاة بإرث يكاد يعلن عن طهارة وطنية قادمة من أقاصي التاريخ. هذا من ناحية.. ومن ناحية أخرى فإن لحضور الومضة بهذا النسق الصوفي في ساحة التغيير دلالات.. منها كما ذكرنا من إمكانية أن يكون الصوفي ثائرا وصوفيا في ذات الوقت.. ومنها وهو ما نريد ذكره الآن من أن حضور الومضة أيضا بهذا القالب النثري حري بها أن تكون ضمن سلوك حياتي فضلا عن فعل تغييري وليس مجرد كلام شعراء هم يقولون ما لا يفعلون.. لقد أوجدت قصيدة النثر حضورها في الميدان بنفس حضور القصيدة الشعرية.. كشعار أدبي منصوب على خيمة في ساحة التغيير السلمي وكشعار لمسيرة مطالبة بتغيير النظام وإسقاط رموزه.

تعليقات:
    قيامك بالتسجيل وحجز اسم مستعار لك سيمكنكم من التالي:
  • الاحتفاظ بشخصيتكم الاعتبارية أو الحقيقية.
  • منع الآخرين من انتحال شخصيتك في داخل الموقع
  • إمكانية إضافة تعليقات طويلة تصل إلى 1,600 حرف
  • إضافة صورتك الشخصية أو التعبيرية
  • إضافة توقيعك الخاص على جميع مشاركاتك
  • العديد من الخصائص والتفضيلات
للتسجيل وحجز الاسم
إضغط هنا
للدخول إلى حسابك
إضغط هنا
الإخوة / متصفحي موقع الجبهة الثقافية لمواجهة العدوان وآثاره نحيطكم علماُ ان
  • اي تعليق يحتوي تجريح او إساءة إلى شخص او يدعو إلى الطائفية لن يتم نشره
  • أي تعليق يتجاوز 800 حرف سوف لن يتم إعتماده
  • يجب أن تكتب تعليقك خلال أقل من 60 دقيقة من الآن، مالم فلن يتم إعتماده.
اضف تعليقك
اسمك (مطلوب)
عنوان التعليق
المدينة
بريدك الإلكتروني
اضف تعليقك (مطلوب) الأحرف المتاحة: 800
التعليقات المنشورة في الموقع تعبر عن رأي كاتبها ولا تعبر عن رأي الموقع   
عودة إلى تحقيقات وسرد وحوار ضدّ العدوان
الأكثر قراءة منذ أسبوع
طاهر محمد الجنيد
أبعاد المواجهة المباشرة بين إيران وإسرائيل
طاهر محمد الجنيد
الأكثر قراءة منذ 3 أيام
علي الدرواني
ما هو ال"يورديم" ولماذا يخشى الغرب سقوط "إسرائيل"؟
علي الدرواني
الأكثر قراءة منذ 24 ساعة
د.محمد النهاري
مشكل المصطلح والمسيرة القرآنية!!
د.محمد النهاري
تحقيقات وسرد وحوار ضدّ العدوان
من هدي القرآن
لو حصل التمسك بأهل البيت من أول يوم من بعد ممات النبي الكريم لما تفرقت الأمة أبدا
من هدي القرآن
من هدي القرآن
المطلوب هو الارتباط بأهل البيت إجمالا
من هدي القرآن
إيناس عبدالوهاب الشهاري
"يا ريت قومي يعلمون"
إيناس عبدالوهاب الشهاري
د.محمد حسين بزي
شريعتي في ذكراه ال 46 والمرآة الثلاثية
د.محمد حسين بزي
إيناس عبدالوهاب الشهاري
تنومة الحقد الدفين
إيناس عبدالوهاب الشهاري
من هدي القرآن
ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا
من هدي القرآن
المزيد