عبدالمجيد التركي
طباعة الصفحة طباعة الصفحة
RSS Feed مقالات ضدّ العدوان
RSS Feed
عبدالمجيد التركي
عن الشعر الحميني
شياطين رمضان
شهر مبارك
غراب قابيل
هذا هو الخزي المبين
اليمن الشامخ منذ الأزل
اليمن.. عود الثقاب الأخير في ليل العرب
أمهات غزة..
اليمن يواجه منفرداً
«ويثبّت أقدامكم»

بحث

  
ثوب الآخرة
بقلم/ عبدالمجيد التركي
نشر منذ: سنتين و شهر و 10 أيام
الأحد 06 مارس - آذار 2022 11:12 م


في القرية، الناس منضبطون في مواعيد نومهم واستيقاظهم وتناول وجباتهم، وطريقة موتهم.. كلهم يكتبون وصاياهم، ويحتفظون بأكفانهم في خزانة الملابس.
سألت أبي ذات يوم: لماذا يحتفظ بالكفن؟ فقال لي: كما نحرص على ثيابنا في الدنيا لا بد أن نجهز ثوب الآخرة.
كان بعضهم يخاف أن يموت في يوم عيد أو إجازة، أو في منتصف الليل، لأن المحلات التي تبيع الأقمشة ستكون مقفلة، ولن يستطيعوا شراء الكفن.. لذلك كانوا يشترونه ويضعونه في خزانة الملابس تحسباً لأي طارئ.
كان أجدادنا ينتظرون الموت، كل يوم، كأنهم يتنظرون ضيفاً. يجهزون أكفانهم ويغسلونها بماء زمزم، ويضعون بجوارها عطر «جنة النعيم»، ويوصون بوضع الرياحين والشذاب عليهم بعد تكفينهم، كأنهم ذاهبون إلى نزهة، أو موعد.
في المدينة، لا نجرؤ على الاحتفاظ بكفن في بيوتنا، لأن رهبة الموت تستوطن مفاصلنا، ولا نمتلك شجاعتهم التي كانت تطيل أعمارهم.
نخاف من تذكُّر الموت، مساءً، لأننا لن نستطيع أن ننام، بينما هم كانوا ينامون على جنبهم الأيمن، ويقرؤون أورادهم، كأنهم لن يستيقظوا قبل الشمس يستعجلون في الذهاب بالجنازة، لأن «كرامة الميت دفنه»، فأشعر بأنني بلا كرامة.
ولا ينسوا أن يوصوا أبناءهم ألَّا يكتبوا أسماءهم على قبورهم، لاعتقادهم أن القبور المجهولة مرحومة. وحين ينتهون من دفن الميت يتصدَّق أهله بملابسه على المساكين، كأنهم لا يريدون أن يحتفظوا بأي ذكرى تخصه.
هؤلاء المساكين يرتدون ثياباً ميتة، ولا يأكلون اللحم إلا على موائد العزاء، لذلك يفرحون حين يموت شخص ذو وجاهة، فقد كانت المآتم بالنسبة لهم عيداً يحصلون فيه على الكساء والغداء المجاني.
ذات يوم غرق صديقي محمود في بركة مليئة بالطحالب. فقيه القرية أخبر والديه بأن الواجب دفنه بملابسه، لأنه شهيد. فرح والداه بتلك الفتوى لأنهم لم يكونوا يمتلكون ثمن الكفن، بينما أشفقتُ عليه أنه سيدفن بملابس مبلولة في مقبرة مطلة على الحيد تعبر منها الريح طيلة الوقت.
أتذكر أن عمتي اشترت لها كفناً، وكانت تتباهى بأنها جلبته من صنعاء، وليس من دكان الحاج غالب في سوق شهارة، لكنها توقفت عن ذلك التباهي حين أخبرتها عمتي الكبرى أن كفنها مجلوب من مكة المكرمة، ومغسول بماء زمزم، وممسوح بقبر النبي الأعظم، عليه وآله الصلاة والسلام.
* نقلا عن : لا ميديا
تعليقات:
    قيامك بالتسجيل وحجز اسم مستعار لك سيمكنكم من التالي:
  • الاحتفاظ بشخصيتكم الاعتبارية أو الحقيقية.
  • منع الآخرين من انتحال شخصيتك في داخل الموقع
  • إمكانية إضافة تعليقات طويلة تصل إلى 1,600 حرف
  • إضافة صورتك الشخصية أو التعبيرية
  • إضافة توقيعك الخاص على جميع مشاركاتك
  • العديد من الخصائص والتفضيلات
للتسجيل وحجز الاسم
إضغط هنا
للدخول إلى حسابك
إضغط هنا
الإخوة / متصفحي موقع الجبهة الثقافية لمواجهة العدوان وآثاره نحيطكم علماُ ان
  • اي تعليق يحتوي تجريح او إساءة إلى شخص او يدعو إلى الطائفية لن يتم نشره
  • أي تعليق يتجاوز 800 حرف سوف لن يتم إعتماده
  • يجب أن تكتب تعليقك خلال أقل من 60 دقيقة من الآن، مالم فلن يتم إعتماده.
اضف تعليقك
اسمك (مطلوب)
عنوان التعليق
المدينة
بريدك الإلكتروني
اضف تعليقك (مطلوب) الأحرف المتاحة: 800
التعليقات المنشورة في الموقع تعبر عن رأي كاتبها ولا تعبر عن رأي الموقع   
عودة إلى مقالات ضدّ العدوان
الأكثر قراءة منذ أسبوع
د.شعفل علي عمير
تصاعُدُ المقاومة وتقهقُرُ محور الشر
د.شعفل علي عمير
الأكثر قراءة منذ 3 أيام
محمد حسن زيد
رد إيران.. هل كان قويا أو ضعيفا؟
محمد حسن زيد
الأكثر قراءة منذ 24 ساعة
محمد فرج
بهدوء.. من يلملم شظايا الردّ الإيراني المتناثرة؟
محمد فرج
مقالات ضدّ العدوان
مجاهد الصريمي
منهجية إبليس!
مجاهد الصريمي
خالد العراسي
قراءة في قرار مجلس الأمن رقم 2624
خالد العراسي
حمدي دوبلة
المزيد من السقوط !
حمدي دوبلة
عبدالفتاح حيدرة
في الحرب على اليمن تتحوَّل عُصبة الأمم إلى عصابة الأمم..
عبدالفتاح حيدرة
عبدالفتاح علي البنوس
الحسين البدر.. الفكر والمنهج
عبدالفتاح علي البنوس
عبدالفتاح حيدرة
سنن الله وسياسة البشر
عبدالفتاح حيدرة
المزيد