ربما لم يسجِّل التاريخ قديماً ولا حديثاً مملكة أو نظاماً أو سلطة كذبت وضللت وافتضحت كما فعلت مملكة العدوان السعودية التي باتت اليوم صاحبة أطول سجل أسْود من الأكاذيب والأضاليل والدجل والفضائح أيضاً، ومحط سخرية العالم ومشاهيره في امتداد المعمورة.
وأنا أتابع بالأمس الجريمة التي ارتكبها المتهم «عمار زهرة» بحق أبيه وزوجة أبيه وأخيه، كانت السعودية تُطلق حملة إعلامية مكثفة عبر أبواقها ومرتزقتها، وفي إعلامها وقنواتها وصحفها ومواقعها وصفحاتها تستثمر الجريمة بكل رخص وابتذال ووقاحة، تنسب القاتل لتيار سياسي وتنسب أباه لتيار آخر، تتعاطف مع القتيل وتمارس التشهير بحق الأسرة، استحضرت الأكاذيب والدجل اليومي الطويل لهذه المملكة المارقة على الشعب اليمني.
منذ اللحظة الأولى للعدوان على اليمن أطلقت هذه المملكة المارقة ومعها منظومة العدوان والحرب والحصار على اليمن ألف ذريعة وعنوان لحربها الإجرامية على الشعب اليمني، وفيما كانت تُطلق في اليوم ألف كذبة كانت تنكشف في اليوم ألف مرة، ومن أكاذيبها الادعاء بأن الحرب على الشعب اليمني – بما فيها من مذابح ومجازر وقتل للناس في الأسواق والمساجد والطرقات والعزاء والأعراس ومحطات الوقود وفي الفنادق وفي المنازل وفي كل مكان وعلى كل حال – هي لإعادة الأمل إلى اليمنيين، وأن الحصار الشامل براً وبحراً وجواً على الوقود والسلع والغذاء والأدوية، ونقل البنك المركزي واستهداف العملة والطبع الورقي للعملات، وتدمير مقومات الحياة وسبل البقاء والوجود من مصانع ومخازن، الهدف منه مساعدة اليمنيين وإنقاذهم من المعاناة، والقائمة تطول بنا جداً جداً ونحن نستعرض انحطاط هذه المملكة المارقة ودجلها في موضوع عناوين وذرائع الحرب الإجرامية على اليمن.
كانت السعودية ترتكب المذبحة بقصف صالة عزاء أو تجمُّع زفاف أو منزل فيه نساء وأطفال، وتروِّج في إعلامها وعبر أبواقها بأنها قصفت أهدافاً عسكرية متلبسة باستهداف المملكة، ثم تتراجع عن النشوة حينما تظهر صور الضحايا وأسماؤهم وصفاتهم وينكشف الأمر عن أن القصف لم يكن إلَّا على صالة عزاء أو منزل فيه أطفال ونساء فتبدأ بالترويج وفي إعلامها وعبر أبواقها بأن القصف والغارات لم تكن من طائراتها وأن المذبحة ارتكبها صاروخ (حوثي)، تنتقل بين الكذبة إلى الأخرى بوقاحة وجرأة منقطعة النظير، ترتكب المذبحة أولاً وتروِّج بأنها قصفت هدفاً عسكرياً، ثم تكذب تنتقل إلى الكذبة الثانية بأن المذبحة من صواريخ وانفجارات طرف آخر، ثم تشوشر وتشرشر حول الضحايا، وتختلق ألف كذبة، ثم تنفضح وتنكشف ألف مرة، وتعود إلى المربع ذاته في كل حدث وحادث وموضوع وقضية.
المراقب لاستراتيجية مملكة العدوان وكل منظومة العدوان على اليمن يجزم بشكل قاطع أن هذا العدوان يحتل منسوباً من التضليل لا سابق له في تاريخ البشرية كلها، فقد رأينا هذه المنظومة وهي تفتعل الكذب والتضليل وتفبرك المسرحيات، تقتل وتستثمر في الجريمة وترمي بها بريئاً ثم تتضامن مع ضحاياها ثم تذرف دموع التساميح، ونحن اليوم في فترة الهدنة نشهد سيلاً يومياً من الدجل والكذب السعودي المنحط وهي تؤجج الأوضاع وتضخ الأكاذيب وتكررها في اليوم ألف مرة وتعيدها في الأسبوع ألف مرة، وتنكشف وتنفضح ولا تخجل أبداً.
ربما لم يعرف التاريخ كذوباً وواهماً أكثر من هذه المملكة المارقة والمنحطة، ولم نشهد انكشافاً وانفضاحاً في حرب كما شهدناه في الحرب على الشعب اليمني، ومن المهم أن يكون تعاطينا في المفاوضات والحديث والإعلام مع هذه المملكة تحديداً بأنها كذوب كاذبة لا تصدق مرة وتكذب في اليوم ألف مرة، تنكث بالتعهدات وترتد عن الالتزامات وتمارس الكذب والدجل حول الأحداث، وتزوِّر الحقائق وتضلل الرأي العام، وتسرق الفيديوهات من الإنترنت وتنسبها إلى اليمن، وتدّعي إطلاق أسرى وهم مجرد محتجزين ومغتربين قامت بترحيلهم.
لا يجب التعامل مع المملكة السعودية إلا باعتبارها منظومة من الكَذَبَة والدجالين، لا وثوق بما تقوله في إعلامها ولا بما يقوله مسؤولوها ولا صدْقٌ فيما ترويه من أحداث وموضوعات، ولا صدق في أي وعود أو التزامات تلتزم بها، وهذا يجب أن يكون أساساً في تعاطينا مع إعلامها ومع مسؤوليها ومفاوضيها وأمرائها وملوكها.
السؤال المهم والمطروح اليوم وبعد إخفاقات وهزائم سبعة أعوام.. هو: ماذا لدى مملكة العدوان السعودية حيال اليمن بعد أكثر من سبعة أعوام من الحرب الإجرامية والحصار والتنكيل والإفقار والإبادة والتدمير؟ وبشكل أدق: ماذا بقي في جبعتها بعدما حشدت الجيوش والمرتزقة وجلبت المأجورين والعملاء واستخدمت أحدث الأسلحة وأفتكها وارتكبت المذابح والمجازر المروِّعة ودمَّرت وحاصرت وجوَّعت وأفقرت اليمنيين، وماذا بقي في جعبة منظومة العدوان أجمعها من واشنطن إلى الرياض وأبو ظبي وتل أبيب ولندن وباريس وبقية الحلف المتشارك في الحرب العدوانية على الشعب اليمني؟ وما الذي تبقى لهذا العدوان والمأجورين والمرتزقة والمنافقين اليمنيين والدوليين بعد استخدام كل ألوان وأشكال الحرب والحصار والاستثمار فيه وفشله بهذا الاستثمار وخيبته بتحقيق الأجندات والأهداف والأوهام التي سعى لتحقيقها؟ وما الذي تبقى لمملكة العدوان السعودية تحديداً من أضاليل وأكاذيب تفيض بأكاذيب البشر من أولهم إلى آخرهم منذ وُجِدُوا على هذه الحياة، وهي التي شهدناها طيلة سبعة أعوام وأكثر تضلل وتسوِّق يومياً آلافاً – إن لم تكن مئات الآلاف – من الأكاذيب عبر ألف ألف قناة وعلى لسان ألف ألف مرتزق ومأجور وبوق رخيص، وهي تكذب في الحدث والموضوع الواحد ألف كذبة، وتروِّج في اليوم الواحد ألف شائعة، تتبع القاعدة الخائبة “اكذب اكذب حتى يصدقك الناس”، والتي تحولت إلى “اكذب اكذب ولا تتوقف حتى وإن لم يعد يصدقك الناس.. ولم تحصد من وراء ذلك إلا الفضائح والخيبات”؟
يبدو أن مملكة العدوان السعودية لم تعتبر بَعْدُ من دروس هزائمها في سبعة أعوام ونيف، ولا تريد حتى التفكير في المآلات التي تمخضت عن حرب سبعة أعوام من تحولات خطيرة على مصيرها، ووصولها إلى مرحلة الغرق المتدحرج جراء الخسائر الباهظة والإنفاقات والتكاليف الكبيرة لحربها على اليمن، ومن الضربات التي شنها أبطال الجيش واللجان الشعبية على عُمقها والتحولات التي أدت بالحرب إلى أن تصبح في الرياض وجدة والدمام ومنشآت النفط العملاقة، ولا يريد الأمير الأرعن محمد بن سلمان أن يعترف بأنه يسير بمملكته إلى الهاوية بسبب حربه الفاشلة والإجرامية على اليمن، ولم يعد يعي أيضا ما سيؤول إليه استمرار هذه الحرب التي لا مصلحة للسعودية فيها إطلاقا غير أنها في حقيقتها حرب لصالح أمريكا ولحسابها وبأموال السعودية التي تدفعها ولأمريكا أيضا فأوهامه الغبية أعمت بصره وبصيرته.