الدريهمي إحدى المناطق الساحلية التابعة لمحافظة الحديدة، وأكثر المناطق التي كان لها عمق ووقع استراتيجي مهم في مسار المعركة الدفاعية التي خاضها مجاهدو الجيش واللجان الشعبية ضد جحافل تحالف العدوان ومرتزقته.
هذه المنطقة الاستراتيجية احتضنت واحدة من أعظم المعارك البطولية التي سجلها التاريخ العسكري الحديث، وأعظم ملحمة سطرها ثلة قليلة من مجاهدي الجيش واللجان الشعبية، بفضل الله تعالى، في مواجهة أكبر حملة عسكرية شنها تحالف العدوان الأمريكي السعودي الإماراتي ومرتزقته، في محاولة لمحاصرة المجاهدين بداخلها وسحقهم عسكرياً.
في بداية أيلول/ سبتمبر 2018 دفع تحالف العدوان، تقوده أمريكا، بأكثر من 5 ألوية من المرتزقة، أي 12 ـ 17 ألف مقاتل، بمشاركة أساطيل من المقاتلات والطائرات المختلفة والبوارج البحرية لفرض حصار خانق ومشدد على مدينة الدريهمي.
وقد نجح في فرض الحصار من أربعة اتجاهات، بعد أن استخدم كل ثقله العسكري والاستراتيجي من قوات ومعدات عسكرية، فقد كان حجم عتاده نحو 100 قطعة حربية لكل كيلومتر من جغرافيا الدريهمي، وهذه القطع تتوزع ما بين مقاتلات هجوم أرضي وطائرات “أباتشي” ومدرعات.
استمر هذا الحصار أكثر من عامين. وكان المجاهدون داخل المدينة على درجة عالية من المحافظة على الثبات والصمود والمرابطة المستمرة في المدينة، فرغم حجم الضغط العسكري الذي كانوا يواجهونه، من عمليات قصف جوي وبحري وغارات وزحوفات لألوية المرتزقة من كل اتجاه، إلا أنهم قدموا نموذجاً ملحمياً وصموداً أسطورياً لم يستطع العدو الأمريكي والسعودي والإماراتي ومرتزقتهم اختراقه أو تجاوزه لمدة عامين من المعارك والمحاولات.
كانت معركة الدريهمي بمساراتها وأبعادها أمّ المعارك وأسطورة عسكرية لم تتمكن الأرقام والحسابات العسكرية من تقييمها، فصمود ثلة من المجاهدين لعامين تحت ضغط حصار مطبق يفرضه العدو عبر أسراب من الطائرات والمقاتلات جواً، وأسطول من البوارج بحراً، وفرق عسكرية ضاربة مكونة من عشرات الآلاف من المقاتلين، مثّل معجزة وحقيقة تعكس العناية الإلهية والتدخل الرباني الكبير الذي كان يحيط بمجاهدي الجيش واللجان طيلة المعركة والحصار.
فالعلم والنظريات العسكرية الحديثة عاجزة تماماً أمام هذه التجربة الفريدة من نوعها، وأمام هذا الصمود والثبات والأداء القتالي المتميز الذي قدمه المجاهدون. كانت الدريهمي مدرسة عسكرية كاملة.
* نقلا عن : لا ميديا