أيها الغريبُ الذي لا ينفكُّ يسألُ نفسَه عن صحَّة الطريق:
هناك شجرةٌ آسنةٌ تأكلُ ثمارَها.. وهناك عصافيرُ تمارسُ رياضةَ المشي.. هناك نسرٌ يحومُ دون أن يقعَ مرةً واحدةً في الحِمَى.. فانْتقِ مواضعَ قدميكَ فاللَّيلُ بصيرٌ وليس كما يتوهَّمون..
قِشرةُ الموزِ موتٌ يتنكَّرُ على قارعةِ الطَّريق..
بين الموزِ والموتِ حرفٌ واحدٌ يقلبُ المعادلةَ التي ليست صعبةً، فلا تأخذ الأشياءَ على إطلاقها..
الطَّلقةُ هي كميَّةُ ما تنزِفُه من الاستجابةِ لوَقْعِها في نفسك.. والَّليلُ مساحةُ ما ترسُمه في نوافذكَ المخبوءةِ خلفَ حقدِ ستائرك..
وسيتركُ لكَ الظلامُ خياراتٍ لا تقدرُ على الاستعانةِ بأحدٍ في تحديدِ أصَحِّها، لأن جميعَها مغلوطٌ في نظرك.
أيها الغريب:
تتنكَّب الطرقاتِ الوَعِرةَ ونفسُكَ ملأى بمسالِكِها المُغلَقة.. وترى الضياعَ يتناسلُ من رَحمِ الخريطةِ وأنت لا تقوى على قطعِ حباله السريَّة..
ستعود وقد امتلأَت بكَ الجهات، فتحسَّس صوتكَ جيداً كي لا ينكركَ الصَّدى..
ستجدُ بئراً لا دِلاءَ فيها.. وستفكِّرُ كثيراً في ملءِ حذائكَ بالماءِ، لكنَّكَ لن تجد كلباً تختبرُ به إنسانيتكَ لتدخلَ به الجنَّة..
فالحُفاةُ، أيضاً، يعرفون طُرُقاً أخرى توصلهم إليها بأقلِّ كميَّةٍ من الشَّوكْ..
* نقلا عن : لا ميديا