أيام معدودة تفصلنا عن عيد الأضحى المبارك، ولم يعد أحد يفرح باستقباله، لأنه لم يعد مبهجاً منذ العدوان السعودي على اليمن وانقطاع المرتبات.
كيف سيفرح بالعيد من لا راتب له، وكيف سيستطيع إقناع أطفاله بأن "العيد عيد العافية".
لم يعد يتحدث عن أضحية العيد سوى خطيب الجمعة، أما المواطن فلم يعد يجرؤ على التفكير بالدجاج.
منذ العدوان السعودي قلَّت أضاحينا وكثرت ضحايانا، فقد كان الدم اليمني يسيل في كل محافظة، وكان العزاء والسواد هو السائد على مجمل تفاصيل حياتنا.
الوضع الاقتصادي جعل العيد يبدو كمناسبة لممارسة النفاق الاجتماعي والتظاهر بصلة الرحم. هناك من لا يرى أقاربه إلَّا في العيد ثم ينقطع عنهم حتى العيد القادم، حتى وإن كانوا في الحارة المجاورة.. وزيارة العيد لا تتجاوز خمس دقائق، وهناك من يمدُّ يده من عتبة الباب لمصافحة أرحامه لأنه مستعجِل، ولن يستطيع أن يطوف على كلِّ أقاربه.. مستعجلٌ لأنه يريد أن يبحث عن جزار ليشتري لحمة العيد.. مستعجلٌ لأنه يريد أن يذهب لشراء القات. ثم يضع في يد كريمته ورقة نقدية -كعُرف اجتماعي لا أكثر- وكأنه يسدِّد غرامة تأخير!
الأطفال يرتدون أقنعة يوم العيد للتنكُّر وإخافة بعضهم، ونحن نرتدي أقنعة أبشع لكنهم لا يرونها كيف تفرح بالعيد وأنت ترى الزيف يحيطُ بك من كلِّ جانب؟! إنها فرحة لا تتعدى فرحة طفل بورقة نقدية لا يعلم أنها زائفة كزيف سلام العيد والتظاهر بفرحته وبالتواصل مع الأهل والأقارب.
لو وقفنا أمام أنفسنا بعد انتهاء يوم العيد وحاولنا أن نتذكَّر عدد الذين صافحناهم بصدق وبدفء لاهتزَّت صورتنا أمام أنفسنا، ولوجدنا أننا كلَّما مرَّ عام نجد أنفسنا قد تغيرنا كثيراً عن سابقه.
قد يبرِّر البعض هذا الجفاف الاجتماعي بالحالة الاقتصادية المتدنِّية التي يعيشها المواطن اليمني، وقد يكون هذا التبرير مقبولاً إلى حدٍّ ما، لكن هذا التبرير يسقط حين نرى بعض الميسورين وهم يتعاملون مع العيد ومع أقاربهم بدناءة تفوق تعامُلَ الفقراء ومحدودي الدخل، الذين قد تعذرهم، رغم أن لا أحد معذور في البقاء لبعض الوقت -الذي لن يكلِّفه شيئاً- بين أقاربه وأرحامه.
* نقلا عن : لا ميديا