حين يكون الإنسان عاجزاً عن تحقيق أيِّ هدف طيلة حياته لن يكون لحياته معنى، سوى أنه عبءٌ يضاف إلى مجموعة أعباءٍ في قائمة الحياة التي لم تعد تحتمل مزيداً من الموتى الذين ضاق بهم ظاهر الأرض أكثر من باطنها.
هناك قاعدة يابانية تقول: “الفقر يصنعه الإنسان”.. بمعنى أن الإنسان يستطيع صناعة قدَره وصياغة حياته ومستقبله.
العجز هو الصديق الحميم للإنسان العربي عبر عصوره.. قد يقول قائل إن العرب فعلوا كذا وكذا في الأزمنة الغابرة، وأن العرب سبقوا الغرب في العلم والتفكير والشعر أيضاً.. وكأن لا وجود سوى للحضارة العربية، التي قامت على العبيد والسُّخرة والاتِّجار بالبشر، ولم يكن لهم من همٍّ سوى بيع وشراء الجواري والعبيد والقصائد، واجتراح الفتوحات التي هي بمثابة سرقات كبيرة بينما كان الفرس والروم حينها منشغلين بالتأليف والترجمة والتفكير.
حين ننظر بواقعية لما قدَّمه العرب فلن نجد سوى النزر اليسير، مقارنة بما قدَّمه واحد من الذين خدموا البشرية، ولن يصلوا في كلِّ نظرياتهم وأفكارهم ومخترعاتهم إلى ما وصل إليه “أديسون” منفرداً.. أديسون، الطالب الفاشل الذي كان طرده الأستاذ من حصَّة الدرس لأنه غبي وفاشل، أصبحت البشرية كلها مدينةً له باختراعه للمصباح الذي أضاء العالم.
حين ننظر إلى تدوين الحديث الشريف نجد أن البخاري ومسلم والترمذي وآخرين ليسوا عرباً.. وحين ننظر إلى واضعي قواعد اللغة العربية وعلمائها سنجد “سيبويه”، وهو ليس عربياً أيضاً.. حتى تفسير القرآن الكريم، سنجد أن أجود تفسير هو “الكشَّاف” للزمخشري، وهذا ليس عربياً أيضاً.. وهذه شواهد تؤكد أن العقل العربي يمر بمأزق كبير منذ دهور.
مأساة العرب أنهم انشغلوا بالمفاخرة بعروبتهم، واحتقار الآخر الذي يظنون أن الله خلقه لخدمتهم، وكأنهم أبناء الله وأحباؤه!
* نقلا عن : لا ميديا