ذات يوم كان خطباء الجمعة يحثوننا على التبرَّع لهداية غير المسلمين في أفريقيا عبر منظمة الدعوة الإسلامية بـ100 ريال، فقط.
وكانت الأموال تُضَخُّ من الجيوب لهداية غير المسلمين في أفريقيا، لإدراجهم ضمن خانة المؤلَّفة قلوبهم، كي لا يتم تنصيرهم بتبرعات الكنيسة. ولا أحد يدري هل كانت هذه الأموال مجدية لهدايتهم، فقد تم تصوير الأمر ليبدو أن من يدفع أكثر يكسب في صفه عدداً أكثر من الناس.
بإمكان كل شخص أن يدفع عشرة آلاف ريال مقابل أن يهتدي شخص واحد، لكن أليس الأقربون أولى بالمعروف؟ فالجوع كافر كما يُقال، واللُّقمة مقدَّمة على الدعوة.
تمنيت يومها أن يفكروا بإخوتهم اليمنيين، ويبعثوا على الموبايل رسالة يكون مضمونها: “تبرَّع لإخوانك الذين يسكنون في محوى الأزرقين بجوار مقلب القمامة”.
لم يكونوا يلتفتون لمعاناة أناس يسكنون في بيوت من الصفيح، يبنيها سكانها بـ”دباب الزيت” وكفرات السيارات، و”تنك السمن”.. بيوت لا أبواب لها سوى طربال أزرق لا يصمد أمام الريح والشمس، ولا حمَّامات لها سوى العراء المليء بالقمامة والأوبئة التي تحيط بهم من كل اتجاه.
كان إطعام هؤلاء وكسوتهم وانتشالهم من جوار مقلب القمامة أكثر أجراً عند الله من هداية غير المسلمين في أفريقيا، لكنها كانت شبكة عنكبوتية تمتد من الصومال، إلى الشيشان، إلى البوسنة والهرسك، وفلسطين، وأفغانستان، وبورما، وسراييفو. إلى آخر القائمة التي تشبه أفلام غسيل الأموال.
حين ننتهي من إيواء المشردين، وإطعام الجائعين، ونحلّ مشاكل المتسوِّلين وأطفال الشوارع، بإمكاننا أن نفكر في هداية غير المسلمين، لأننا لن نحقق أي نجاح في هداية الأفارقة مقابل أن يكفر الكثير من فقرائنا ومشردينا، فالجوع كافر.
* نقلا عن : لا ميديا